<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0 sizcache="0" sizset="17">
<TR>
<td colSpan=2>
إن اولى مشكلات البحث في تاريخ الحركة الصليبية تتمثل في المصطلح و مدلولاته المختلفة
ربما لم يعرف التاريج الانساني ظاهرة تاريخية حملت مصطلحا متناقض لحقيقتها مثل (الحركة الصليبية ) هذا المصطلح المضلل المربك كان نتاج عدد من التطورات التاريخية والمفارقات المدهشة في التاريخ الاوربي وفي التاريخ العربي على حد سواء
-لم يرتبط اسم هذة الحركة بالصليب إلا بعد حوالي قرن ونصف قرن من دوران عجلة احداثها والناظر في مجريات وقائعها يجد مزيج من القسوة والوحشية والتدين العاطفي الذي يشوبة التعصب .
ومن المهم جدا هنا الاشارة الى ان الرجال الذين قاموا بالحملة الصليبية الاولى لم يستخدموا مصطلح( الحملة الصليبية ) او( الصليبيين ) اذلم يحدث سوى في اواخر القرن الثاني عشر الميلادي ان ظهرت الكلمة اللاتينية (crusesignati)ومعناها الموسوم بالصليب .... ولم تظهر كلمة (الحركة الصليبية )حتى اوائل القرن الثالث عشر الميلادي ....وفي وسعنا ان نسوق عشرات الامثلة المستقاة من كتابات المؤرخين اللاتينيين الذين عاصروا الحركة الصليبية ولاسيما في اطوارها الاولى انة مايلفت النظر حقا ان عناوين مؤلفاتهم جميعا خلت من ذكر كلمة الصليبين او الحملة الصليبية وانما دارت حول الحملة و حجاج بيت المقدس و الفرنج وماالى ذلك .....
-ومن المهم جدا ان نشير الى ان الكلمة الانكليزية (crusade) والكلمة المانية (kreuzzag )تعنيان الحروب الصليبية قد ابتكرتا في القرن الثامن عشر فقط ......
-وعلى الرغم من الفشل النهائي الذي منيت بة الحركة الصليبية الاان المثال الصليبي تحول بمرور الوقت تحت تاثير وسائل الا علام التي عملت في خدمة الاهداف الاستعمارية الاوربية -الى مثال براق يوحي بالشجاعة والتضحية بالنفس في سبيل المثل الاعلى . واستقر في الوجدان الشعبي الاوربي والامريكي ان الحملة الصليبية لابد ان تكون و بالضرورة خيرة نبيلة القصد والهدف منزهة الغرض مثل = رعاية المرضى ومساعدة المنكوبين او جمع التبرعات 000 وكثير مانرى قادة الراى والساسة الغربيين يستخدمون مصطلح الحملة الصليبية بهذا المفهوم النبيل و الخير و العادل
-بيد ان المؤرخين الماركسيين واروبا الشرقية لايشاطرون ابناء الغرب الاوربي هذا الموقف من الحروب الصليبية فقد عانت بلاد البلقان من وحشية الصليبيين في الحملة الشعبية والحملة الاولى كما راحت الامبرطورية البيزنطية وأملاكها ضحية الحملة الصليبية الرابعة في مطلع القرن الثالث عشر الميلادي
كان ماركس و انجلز ولينين يرون -ولهم كل الحق في ذلك -ان الحملات الصليبية كانت مشروعات استعمارية استيطانية تهدف الى استعباد الشعوب تحت راية الصليب
وفي الادبيات العربية التي تناولت تاريخ الحركة الصليبية نجد مفارقة مدهشة فعلى الرغم من ان المؤرخون المسلمون الذين عاصرو ا الهجوم الصليبي على المنطقة العربية و كتبوا عنة (مثل -ابن القلانسي و ابن الاثير وابن العديم وابن واصل 0وابن شداد والمقريزي و القلقشندي ...... وغيرهم ) لم يستخدموا ابدا مصطلحات مثل (الصليبيين) او( الحملة الصليبية) او( الحرب الصليبية ) وانما تكلمو اعن الصليبين بعبارات مثل حركةالفرنج كماوصفوهم على الدوام بكلمة الفرنج ......
-حقيقة ان المؤرخون المسلمون الاوائل مثل ابن القلانسي وابن الاثير لم يدركو ا ابعاد الحركة الصليبية لانهم لم يروا غير افرازاتها العسكرية والسياسية الباكرة على ارض المشرق العربي لكن الجيل التالي من المؤرخين المسلمين تحدثوا عن هذة الحركة بطريقة تدل على فهم اوضح واشمل ولعل هذا هوماجعلهم لايربطون بين (حركة الفرنج)و المسيحية والصليب على اى نحو 000 وربما يكون مؤرخو القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين (الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين) هم اخر من تناول (حركة الفرنج ) .....
ولقدتوقف البحث التاريخي في العالم العربي فترة طويلة بفعل التخلف والركود الثقافي اللذين احاطا بكافة جوانب الحياة العربية حتى القرن التاسع عشر على اقل تقدير وعندما بدا ت من جديد محاولات النهوض الثقافي والفكري كان لابد للرواد من ان يتاثروا برقي الفكر والثقافة و العلم في اوروبا . ولم تنج الدراسة التاريخية من تاثير الانبهار الذي جعل الكثير ممن تصدوا لكتابة التاريخ اتباعا لهذة المدرسة الاوروبية اوتلك وفي خضم هذا الانبهار أيضا تمت ترجمة بعض المصطلحات واستعيرت تقسيمات التاريخ الاوروبية كما سادت الرؤية الاستشراقية . اذ وقع اولئك الكتاب في شباك الترجمة عن الاوروبيبن و بدؤا يستخدمون مصطلح (صليبي ) و(حملة صليبية)و(حروب صليبية )في تناوله للظاهرة التي درج اسلافهم على معالجتها تحت مصطلحات( الفرنج)و (حركة الفرنج)ووجة الخطورة في هذا المصطلح عندما يستخدم في اللغة العربية انة يوحي بان الحركة كانت حركة دينية ترتبط بالصليب رمز المسيحية ولاتضعها في اطارها الصحيح باعتبارها مغامرة استيطانية متعصبة ومن ناحية اخرى فان استخدام هذا المصطلح يظلم المسيحيين الشرقيين الذين عانى قسم كبير منهم من وحشية الفرنجة وعدوانهم .
</TD></TR></TABLE> |
