وفطيس لقبه، واسمه عثمان، ثم صار هذا اللقب فيهم اسماً علماً تنازعوه لنباهة حامله جدهم باني بيتهم ذلك. ذكر ذلك الوزير عيسى بن فطيس.
وغربيب بن عبد الله الثقفي بطليطلة.
سنة ثمان ومائتين
فيها هلك عبد الله المعروف بالبلنس بن الأمير عبد الرحمن بن معاوية الداخل، بعدما توفي قبلهما في هذه السنة أيضاً.
وفيها توفي حسن بن عاصم الثقفي الفقيه.
وفي كتاب القاضي ابن الفرضي: حسين بن عاصم بن كعب بن محمد بن علقمة بن خباب بن مسلم بن عدي بن مرة، عرف بالثقفي، يكنى أبا الوليد، قرطبي حسيب، ابن عاصم المعروف بالعريان صاحب الأمير الداخل عبد الرحمن بن معاوية، سمي بذلك لأنه أولى من عبر نهر قرطبة إلى أصحاب يوسف الفهري بين يدي عبد الرحمن بن معاوية، وهو عريان، فلزمه اللقب. وكانت لحسين رحلة سمع فيها من ابن القاسم وابن وهب وأشهب ومطرف وابن نافع ونظرائهم. وولي السوق للأمير محمد بن عبد الرحمن، فكان شديداً على أهلها في القيم، يضرب الباعة ضرباً شديداً مبرحاً، فكأنه سقط بذلك عن أن يروى الناس عنه، وتوفي صدر أيام الأمير محمد سنة ثلاث وستين ومائتين.
سنة تسع ومائتين
فيها توفي الحاجب القائد الكاتب عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث.
وعبد الله الأحدب النحوي المعلم، وكان له وضع في النحو.
سنة عشر ومائتين
فيها توفي الحاجب عبد الرحمن بن غانم في الحبس.
ومالك بن القتيل في المطبق.
وفتح بن الفرج الأزدي الرشاش بالمشرق.
وحجاج المغيلي الكاتب كاتب الترسيل، وهو من موالي يزيد بن طلحة العبسي.
سنة إحدى عشرة ومائتين
وليد بن أمية بن يزيد.
وسفيان بن عبد ربه الحاجب.
وسعيد بن القاضي محمد بن بشير المعافري.
وفي كتاب القاضي أبي الوليد ابن الفرضي: هو سعيد بن قاضي الجماعة بقرطبة محمد بن بشير بن شراحيل - ويقال سرافيل - أصولهم من مدينة باجة. وكان سعيد هذا رجلاً صالحاً عاقلاً، سمع من يحيى بن يحيى وغيره، واستقضاه الأمير عبد الرحمن بعد والده، وتوفي حسبما قاله الرازي سنة عشرة ومائتين.
سنة اثنتي عشرة ومائتين
فيها توفي عيسى بن دينار بن واقد الغافقي، يكنى أبا محمد، أصله من طليطلة، وسكن قرطبة، وكانت له فيها رياسة بعد انصرافه من المشرق، وكان ابن القاسم يعظمه ويجله ويصفه بالفقه والورع، وكان لا يعد في الأندلس أفقة منه في نظرائه.
أبو زياد إبراهيم بن زرعة الأندلسي مولى قريش، روى عنه سحنون، وتوفي بإفريقية في هذه السنة.
سنة ثلاث عشرة ومائتين
محمد بن موسى الغافقي، مولى لهم، وقد ولي الوزارة والكتابة.
إبراهيم بن محمد بن مزين.
عبد الخالق بن عبد الجبار الباهلي قاضي طليطلة.
سنة ست عشرة ومائتين
فهيا مات عبد الرحمن بن عبد الحميد بن غانم في الحبس، على اختلاف.
سنة سبع عشرة ومائتين
فرج بن مسرة بن سالم.
سنة تسع عشرة ومائتين
العباس بن عبد الله القرشي المرواني.
وجهور بن يوسف بن بخت الفارسي الوزير.
وقال الرازي: هلكا معاً في سنة عشرين بعدها.
سنة عشرين ومائتين
الفقيه قرعوس بن العباس بن قرعوس الفقيه راوية مالك بن أنس رحمه الله.
وفي كتاب القاضي ابن الفرضي: قرعوس بن العباس بن قرعوس بن عبيد بن منصور بن محمد بن يوسف الثقفي، يكنى أبا الفضل، وقيل أبا محمد، قديم نبيه فقيه، رحل فسمع من مالك بن أنس وسفيان الثوري وابن جريج وابن أبي حازم الليث وغيرهم، فلم يتحقق بالحديث، وتحقق بالمسائل على مذهب مالك وأصحابه، وكان متديناً ورعاً فاضلاً. وكان ممن أتهم في أمر الهيج، فوقاه الله، وتوفي في أيام الأمير عبد الرحمن سنة عشرين ومائتين.
ومحمد بن كليب بن ثعلبة بسرقسطة.
وحمدون بن فطيس.
على اختلاف في ابن كليب وابن فطيس، ورواته في أنهما هلكا سنة ست وعشرين بعدها.
وهلك إبراهيم بن عقبة، وحرب بن بلدس، وعبد الرحمن بن صبيح وأصحابهم الطليطليون في المطبق بقرطبة.
سنة إحدى وعشرين ومائتين
فيها مات حبيب بن سليمان والد الفقيه عبد الملك بن حبيب، وكان في عداد فقهاء قرطبة.
حارث بن أبي سعد، مولى الأمير عبد الرحمن بن معاوية، يكنى أبا عمر، رحل فسمع من ابن القاسم وابن كنانة وغيرهما من المدنيين والمصريين، وهو جد بني حارث الذين كانت فيهم الخطط. وولي الشرطة الصغرى ولم يزل عليها إلى أن توفي.
ومحمد بن عيسى بن عبد الواحد بن بخيح المعافري المعروف بالأعشى، من أهل قرطبة، يكنى أبا عبد الله، رحل سنة تسع وسبعين ومائة، فسمع من سفيان، ووكيع، ويحيى القطان، وغيرهم من المدنيين والعراقيين، وكان الغالب عليه الحديث والأثر، وكان عاقلاً سرياً جواداً، وكانت فيه دعابة فاشية، وله فيها أخبار محفوظة، وكان من الأجواد المتصدقين، وممن جمع الفقه إلى رواية الحديث. وفي موته اختلاف: قيل سنة إحدى وعشرين، وقيل بل سنة اثنتين بعدها.
سنة ثلاث وعشرين بعدها
فيها توفي أبو محمد بن خالد جد بني عمار المراديين بقرطبة.
سنة أربع وعشرين ومائتين
محمد بن خالد بن مرتنيل المعروف بالأشج، صاحب الصلاة بقرطبة، وكان على الصلاة والشرطة معاً، وتوفي وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
وفي كتاب ابن الفرضي: أبو عبد الله محمد بن خالد الأشج، مولى الأمير عبد الرحمن بن معاوية، يعرف بابن مرتنيل، قرطبي نبيه، رحل فسمع من ابن القاسم وأشهب وابن نافع ونظرائهم من المدنيين والمصريين، وكان الغالب عليه الفقه، ولم يكن له علم بالحديث، وولى الشرطة للأمير عبد الرحمن، وولي الصلاة أيضاً. وفي موته خلاف: قيل سنة عشرين، وقيل سنة أربع وعشرين.
سنة خمس وعشرين ومائتين
الوليد بن عبد الخالق بن عبد الجبار بن قيس الباهلي قاضي طليطلة.
سنة ثمان وعشرين ومائتين
فيها مات أبو عبد الله بن محمد بن سعيد الزجالي المعروف بالأصمعي، صنيعة الأمير عبد الرحمن، وهو حامل بعد الوزارة والكتابة والقيادة، على اختلاف، وقيل إنه توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين بعدها.
سنة تسع وعشرين ومائتين
وكان فيها موت يحيى بن معمر الألهاني الذي كان قاضي الجماعة.
ويحيى بن موسى.
سنة ثلاثين ومائتين
عبد الله بن الغازي بن قيس.
قال ابن الفرضي في كتابه: عبد الله بن الغازي بن قيس، من أهل قرطبة، وقد كان عالماً باللغة والغريب والعربية، بصيراً بقراءة نافع بن أبي نعيم، روى عنه ثابت بن حزم السرقسطي وابنه قاسم وغيرهما.
سنة اثنتين وثلاثين ومائتين
فيها مات زونان الفقيه، وكان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه عبد الملك بن الحسن.
قال ابن الفرضي: هو عبد الملك بن الحسن بن محمد بن زريق بن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا مروان، وقيل أبا الحسن، يعرف بزونان، روى عن صعصعة ابن سلام، وكان مفتياً في أيام الأمير عبد الرحمن، وكان له رحلة سمع فيها ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم من المدنيين، وكان يذهب أولاً إلى مذهب الأوزاعي - وكان الفقه أغلب عليه - ثم تحول إلى مذهب مالك. وهلك سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
سنة أربع وثلاثين ومائتين
وعميد الفقهاء شيخ قرطبة يحيى بن يحيى الليثي، هلك لثمان بقين من رجب منها، وله ثنتان وثمانون سنة.
وقال أحمد بن محمد الرازي: بل عيشة الأربعاء لثمان بين من ذي حجة منها.
وفي كتاب ابن الفرضي: هو يحيى بن يحيى بن كثير بن وهلال بن تسمال بن منقايا، أصله من برابر مصمودة، يتولى بني ليث، يكنى أبا محمد، وكان كبير الأكابر بقرطبة، سمع فيها لأول نشأته من زياد بن عبد الرحمن الموطأ، ثم رحل إلى المشرق، فسمع الموطأ من مالك بن أنس غير أبواب من الاعتكاف شك في سماعها من مالك، فأثبت روايته فيها عن زياد عنه. ورحل إلى مالك وهو يومئذ ابن ثمان وعشرين سنة، فسمع منه، ومن نافع بن أبي نعيم، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة، وبمصر من الليث بن سعد، وابن وهب، وابن القاسم، وغيرهم.
وقدم إلى الأندلس بعلم كثير، فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه وقوله، وكان يفتى برأي مالك صرفاً لا يعدوه إلا في القنوت في الصبح فإنه تركه لرأي الليث، وترك يحيى من رأى مالك أيضاً الأخذ باليمين مع الشاهد، وأخذ بقول الليث في ترك ذلك وإيجاب شهيدين، وكان أيضاً لا يرى بعثة الحكمين عند تشاجر الزوجين، فكان ذلك مما ينكر عليه. وكان يحيى يفضل بالعقل على علمه.
وقال محمد بن عمر بن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك بن حبيب، وعاقلها يحيى ابن يحيى.
وكان يحيى ممن أتهم بالإجلاب في الهيج، فهرب إلى طليطلة، ثم استأمن الأمير الحكم، فأمنه، وانصرف إلى قرطبة.
سنة خمس وثلاثين ومائتين
محمد بن سعيد بن رستم الوزير الحاجب، في صفر منها.
وأخوه القاسم قبله.
والشريف يحيى بن سليمان بن الأمير عبد الرحمن بن معاوية، وكان من الجلساء والغمر بن يحيى بن عبد الغافر بن أبي عبدة.
وخاطب العاز.
وأبو اليسول الشاعر سعيد بن يعمر بن علي العبدي بسرقسطة.
والأخ بكر بن الأمير الحكم بتدمير، وكان قائداً بها، فورد بذلك أمية بن سليمان عامل تدمير، فخرج زيدان الفتى الكبير للنظر في إحصاء تركته والاحتياط عليها.
ومروان بن عبد الله الزجالي.
وعبد الله بن محمد بن جابر.
والشريف أمية الأعشى بن هشام بن الأمير الحكم.
وسعيد بن حسان الفقيه بقرطبة في جمادى الأولى منها.
وفي كتاب القاضي ابن الفرضي: سعيد بن حسان مولى الأمير الحكم بن هشام، يكنى أبا عثمان قرطبي نبيه، رحل إلى المشرق سنة سبع وسبعين ومائة، فروى عن عبد الله بن نافع، وعبد الله بن عبد الحكم، وأشهب بن عبد العزيز، ومنه استكثر، وسمع منه سماعه عن مالك، وكتب رأيه وغير ذلك من أحاديثه، وانصرف سنة أربع ومائتين، وكان فقيهاً في المسائل حافظاً لها، مشاوراً مع الشيخ يحيى بن يحيى وعبد الملك بن حبيب وقاسم بن هلال، وكان منقطعاً إلى مؤاخاة يحيى، آخذاً بهديه، معظماً له، راكباً سننه، لا يخالفه في شيء يراه، قد غلب عليه مع ذلك حفظ رأي أشهب عن مالك واختاره، وتفرد براويته عنه، وكان على فقهه زاهداً فاضلاً ورعاً، وتوفي في أيام الأمير عبد الرحمن بن الكم سنة ست وثلاثين ومائتين، بعد خليله يحيى بن يحيى بعامين.
والأخ سعيد الخير بن الأمير الحكم في ربيع الآخر.
ومحمد بن حيون بن أبي عبدة أخو حمدون.
ونصر الفتى الخصي خليفة الأمير عبد الرحمن الغالب على دولته، في شعبان منها. وعمر بن حفص بن أبان.
سنة سبع وثلاثين ومائتين
الوزير عبد الواحد بن يزيد الإسكندراني، وقد نيف على الثمانين سنة والفقيه قاسم بن هلال القيسي. من كتاب ابن الفرضي: قاسم بن هلال بن فرقد بن عمران القيسي، يكنى أبا محمد، قرطبي تفقه على زياد بن عبد الرحمن، ورحل، فسمع من ابن القاسم وابن وهب وغير واحد من المصريين والمدنيين من أصحاب مالك، وكان عالماً بالمسائل، ولم يكن له علم بالحديث، وكان رجلاً معقلاً وقوراً، حدث عنه بنوه وغيرهم.
سنة ثمان وثلاثين ومائتين
علي بن نافع الملقب بزرياب، مولى المهدي العباسي، في ربيع الأول من سنة ثمان وثلاثين ومائتين، هلك قبل وفاة الأمير عبد الرحمن بأربعين يوماً.
وفيها مات هارون بن سالم، يكنى أبا عمر، قرطبي قديم، سمع من عيسى بن دينار ويحيى بن يحيى، ورحل إلى المشرق، فلقي أشهب بن عبد العزيز وروى عنه، وسمع من أصبغ بن الفرج، وعلي بن معبد، وسحنون، وغيرهم. وكان منقطع القرين في الفضل والزهد والعلم، وكان يقال فيه إنه مجاب الدعوة. وكان يحفظ المسائل حفظاً حسناً، إلا أن العبادة كانت أغلب عليه، وقد كانت تعرف كرامته وإجابته في غير ما شيء ومات على ذلك حدثاً في الأربعين من عمره، وكانت كتبه موقفة عند أحمد بن خالد وكانت بينه وبينه قرابة من طريق أمه، وتوفي فيما ذكره أحمد سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
وفيها مات الأمير عبد الرحمن بن الحكم ليلة الخميس لثلاث بقين من ربيع الآخر منها وقد تقدم ذكر ذلك في مكانه.
ذكر خصال من مناقب الأمير عبد الرحمن
بن الحكم لم تمر في عرض أخباره
قال أحمد بن محمد الرازي: كان الأمير عبد الرحمن مقدم الطبقة في البلاغة، مطبوعاً في الكتابة، مقتدراً على ما حاول من سني البيان المنشور والمنظوم، مؤثراً لمن يحسنهما، مقرباً بوسيلتهما، وكان له التوقيع الوجيز والقريض المستحسن.
فمما شهر من موجز توقيعه: توقيع له إلى بعض من سأله من مواليه توليته عملاً لم يكن من أهله: من لم يعرف وجه مطلبه كان الحرمان أولى به.