نشأته ولد أريوس في قورينا (ليبيا الحالية) عام ؟270 م ،لأب اسمه أمونيوس من أصل ليبي .. بعد منتصف القرن الثالث بقليل، ودرس تعليمه اللاهوتي بمدرسة لوكيانوس بأنطاكية حيث كان زميل دراسة لبعض الأشخاص الذين أرتقوا فيما بعد إلى درجات الرئاسة الكهنوتية. وهم الذين عضدوه ودفعوا به للمضى في طريق الكفاح لأجل نشر أفكاره.
وكل هؤلاء الزملاء الذين درسوا في مدرسة لوكيانوس صاروا يلقبون باسم "اللوكيانيين" أو "الاتحاد اللوكيانى". وهذا لا يمنع أن آريوس درس أيضاً في مدرسة الإسكندرية اللاهوتية قبل دراسته بأنطاكية.
ويمكن أن يقال أن آريوس جمع في تعليمه بين إتجاهين مختلفين لمدرستى أنطاكية والإسكندرية. وفيما بعد أخذ المنتمون لمدرسة أنطاكية يهاجمونه ويتهمونه بأنه سكندرى، في حين أن المنتمين إلى مدرسة الأسكندرية كانوا يحاربونه متهمينه بأنه أنطاكى.
أستوطن أريوس في الإسكندرية حيث رسمه الأسقف بطرس كاهنا.. وأظهر في أول حياته ميولاً متعصبة متمردة لأنه قبل رسامته وبعدها كان منضماً للأسقف المنشق ميليتوس أسقف ليكوبوليس (أسيوط).
ولهذا السبب جرد من رتبته الكهنوتية، إلا أنه فيما بعد أعيد مرة أخرى إلى رتبته على يد الأسقف أخيلاس خليفة الأسقف بطرس. وما لبث أن عمل على تأييد انتخاب الكسندروس أسقفاً للإسكندرية خلفاً لأخيلاس. وإن كان أريوس نفسه قد أستطاع بتأثير ثقافته وصفاته الشخصية أن يصير ذو شأن كبير في المدينة.
إلا أنه بعد بضعة سنوات (حوالي عام 318م) اصطدم مع الكسندروس بسبب الإختلاف حول تفسير نص في الكتاب المقدس خاص بشخص ابن الله. وكان الكسندروس قد أعطاه – كما أعتاد الأسقف أن يفعل مع الكهنة – موضوعاً ليبحثه. وفى الشرح الذي قدمه أريوس حاول أن يعبر عن ابن الله بمفاهيم مخالفة للإيمان المستقيم.
رأى الكسندروس في تقرير آريوس مخالفة لاعتقاده بالوهية يسوع … وأثبتت الاتصالات بين الرجلين على أن آريوس أصر على رأيهبان يسوع مخلوق وأعتبر أفكار الكسندروس أنها سابيلية(1)أي مستمده من الديانة السابيليه قي عبادة ى الشمس والاوثان. وبالرغم من هذا فإن الأسقف لم يتعجل في اتخاذ أى اجراء ضد كاهنه. إلا أنه فيما بعد أضطر الأسقف أن يتخذ قراراً من مجمع قسوس الكنيسة، أدان فيه أريوس بسبب بدعته وقطعه من شركة الكنيسة.
رحل أريوس إلى فلسطين ثم اتجه إلى سوريا فاسيا الصغرى. وتمكن من أن يجمع حوله عدد من الأساقفة وافقوه على عقيدته التي تعتبرامتداد لعقيدة التلاميذ، وكان من بين هؤلاء "أوسابيوس أسقف فيقوميديا" اللوكيانى، "وأوسانيوس أسقف قيصرية" الأوريجانى. وان الأساقفة الذين تجمعوا حوله قد أيدوه وبرأوه في مجمع عقدوه. وطالبوا بأن يعود مرة أخرى إلى الكنيسة.. وسرعان من كتب أريوس أقراراً وافقوا عليه في مجمع عقدوه في نيقوميديا، وأرسله كرسالة إلى أسقف الإسكندرية الذي رفضه. ودعا بالطبع إلى مجمع بالإسكندرية سنة 318م اعتمد ادانة أريوس.
وبعد ذلك بقليل، بسبب الاضطرابات التي نشأت نتيجة للمصادمات التي وقعت بين قسطنطين الكبير وليكينيوس، تمكن آريوس من العودة مرة أخرى إلى الإسكندرية. حيث أخذ بعمل بحماس شديد وبأساليب مبتكرة لأجل عقيدته بان يسوع مخلوق ونشرها بين الجماهير عن طريق الأحاديث والأشعار… وقد ساعد على نشر عقيدته ما كان يظهر به أريوس من مظاهر الورع والتقوى إلى جانب ما يتصف به من الكبرياء والتباهى وحبه للنضال.. وكان يجرى مباحثاته اللاهوتية مع الشعب. فأنتهز الوثنيون تلك الفرصة وأخذوا يسخرون من المسيحية في مسارحهم بسبب تلك المناقشات(2).
[عدل] المجمع المسكونى الأول مقال تفصيلي :مجمع نيقية وهكذا أثار هذا الموقف قلق قادة الكنيسة. كما أزعج الامبراطور أيضاً، الذي رأى أن هذه المشاكل ستكون خطراً على السلام الذي حققه بجهود مضنية وكفاح مرير ولكنه لم يتوقع أن تكون خطراً على السلام على المدى البعيد. لذلك فهو إذ رأى أن هذه المعركة تبدو أمراً تافهاً لا يستحق أن يصدر له نطقاً سامياً، فأكتفى بأن أرسل "هوسيوس" أسقف قرطبة بأسبانيا إلى الإسكندرية بخطاب إلى رؤساء الأطراف المتنازعة(3). ولكن هذه المحاولة لم تأت بأية نتيجة. عندئذ دعا الأمبراطور إلى مجمع عام يعقد في نيقية عام 325 والذي أشتهر باسم، "المجمع المسكونى الأول"…
وقد أدان هذا المجمع تعاليم أريوس وحرم أسقف نيقوميدية مع ثلاثة أساقفة أخرين لتأييدهم لتعاليم أريوس. أما أريوس فأنه في البدء أُرسل إلى نيقوميديا مكبلاً بالقيود، ثم نفى بعد ذلك إلى الليريا… ألا أنه على الرغم من هذه التدابير فإن هذه المحاولة للتهدئة لم تنجح، لأن أصدقاء أريوس أستمروا في نشر مبادئه وتعاليمه… ولذا أقتنع قسطنطين – بواسطة العناصر المهادنة للأريوسية والمحبة لها، وتأثر بهم. مما جعله يستدعى أريوس من منفاه عام 327. وبعد تحريض من أسقف نيقوميديا عرضوا صيغة اعتراف إيمان على الأمبراطور أخفوا عنه فيها. حقيقة عقيدة أريوس، وكانت كنيسة نيقوميديا قد وافقت على هذه الصيغة في المجمع الذي عقد بها. إلا أن الأرثوذكسيين لم يجبروا على منح أريوس العفو. حتى أن الكسندروس أسقف الأسكندرية وأثناسيوس الذي خلفه لم يقبلاه في الإسكندرية.
ولم يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الإسكندرية – بأن يقل أريوس. بل أنه في الواقع عندما طلب أنصار أريوس من الأمبراطور – برسالة محررة بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة أريوس إلى الإسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد أدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه "بالبورفوريين" أى أنهم مشايعون لتعليم "بورفيريوس"(4).
وبعد وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل أريوس إلى القسطنطينية حيث أعترف بالإيمان الأرثوذكسى أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولاً بطريقة رسمية على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله في كنيسة القسطنطينية قد تلاشى نهائياً، إذ أن أريوس سقط ومات في مرحاض عام فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله(5).
[عدل] مؤلفاته أستحوذ أريوس على مركز هام في التاريخ الكنسى، لكنه لم يترك أثاراً كثيرة. فقد كتب أعمالاً قليلة نسبياً وصلنا منها النذر اليسير. وهذه الكتابات التي وصلتنا عبارة عن رسائل خارجية. إلا أنها في واقع الأمر تحوى إعترافاته وهى:-
[عدل] (أ) رسالة إلى أسقف نيقوميدية وقد حفظها لنا إبيفانيوس في كتابه "باناريون"(6). وكذلك ثيئودوريتس في كتابه "التاريخ الكنسى"(7). وفى هذه الرسالى يحتج على تحامل الكسندروس ضده وضد أتباعه ويعرض أراءه وتعاليمه في صراحة تامة. ويقول أن الابن إله لكنه "ليس غير مولود Agenntos" "ولا جزء من غير المولود" وفى النهاية يستنجد باوسابيوس أسقف نيقوميديا مسميا إياه أنه من "الاتحاد اللوكيانى".
[عدل] (ب) رسالة إلى الكسندروس أسقف الإسكندرية حفظت هذه الرسالة في أعمال "أثناسيوس عن المجامع"(. وفى كتاب "باناريون" لابيفانيوس(9). كما حفظت باللغة اللاتينية في كتاب "الثالوث لايلارى"(10). وهى الاعتراف الإجمالى إلى كان قد قدمه لمجمع نيقوميديا الأول والذي عقده الأريوسيون المنفيون. وفى هذه الرسالة تحاشى التعبيرات المثيرة وأعتبر أن "الأبن قد ولد قبل كل الدهور". إلا أنه لم يكن موجوداً من قبل أن يولد.
[عدل] (ج) اعتراف الإيمان حفظت هذه الرسالة في التاريخ الكنسى لسقراط(11) والتاريخ الكنسى لسوزومينوس(12). وفى هذه الرسالة حجب عقيدته الحقيقية وقال بأن الابن قد ولد قبل كل الدهور (لأنه لو كتبت كلمة gegennimenos المولود" بحذف حرف n منها أى gegenimenos لتغير معناها وأصبحت تعنى المخلوق وليس المولود.
[عدل] (د) "ثاليــا" حفظ أثناسيوس في كتاباته بعض نصوص هذا الكتاب(13). وكلمة "ثالثا" معناها مأدبة أدبية. وقد دبجها كلها تقريباً بأبيات منظومة وبلحن نسائى. وفى إفتتاحيتها نجده يظهر نفسه أنه مملوء بالعقيدة والعواطف الشجية عندما يتعرض للحديث عن الله..
"بحسب إيمان مختارى الله… عارفى الله… أبناء قديسين. ذوى التعاليم الشرعية الثابتة.. حاصلين على روح الله القدس… أنا نفسى تعلمت هذا.. من حكمة المشاركين.. السابقين.. عارفى الله.. حسب كل أقوال الحكماء.. أتيت أنا مقتفياً أثر كل هؤلاء.. وأنا ذو السمعة الحميدة.. متمش بنفس العقيدة.. ومتحمل كثيراً من أجل مجد الله.. بنفس حكمة الله.. وفيما عدا هذا، يبدو أنه كان لأريوس مجموعة أخرى من الأشعار لكل مناسبة من مناسبات الحياة(14). (كما أشار بذلك أثناسيوس) في المجموعة التي تسمى "البحرية"، "الرحى" "الرحلة".. الخ.
ووفقاً لما يقوله أثناسيوس فإن كل هذه القصائد قد دبجت بلهجة ونغمة داعرة مثل التي كان يكتب بها سوتيادوس أشعاره القومية.. كانوا يتغنون بها في مأدبهم بضجيج ضخب وعبث..
[عدل] تعاليم أريوس لا يتضح من تعاليم أريوس تناسقاً في كل ما وصلنا من نصوصه حيث أن بعضها كانت تخفى وراءها واقع الأمر وحقيقته. إذ كانت تعاليمه مضللة.. ويبدو هذا جلياً في رسالته إلى أسقف نيقوميدية، وفى باقته الشعرية "ثالثا". ولم تقتصر تعاليمه هذه على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أى أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية التي أعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التي أعتنقها السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل الموجودات الإلهية، بل هي نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحداً متطرفاً فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحداً وأنه في نفس الوقت متحول. أن حل وحدانية الله إنما سيعنى تمييزالله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة خليقة هذا العالم. وهو أمر سئ في كل الأحوال.
وبحسب هذه الأفكار، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده. الحقيقى وحده، الذي له الخلود وحده(15). وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هي "الحكمة والكلمة".. وهذه التعاليم مأخوذة عن "الوحدانية المقتدرة" التي لبولس الساموساطى. ولكن فكره اللاهوتى يوضح اعتماداً أكثر على "المدافعين". وتأثيرات "الغنوسيين". فيما أن الله كان واحداً فهو لم يكن أباً "الله لم يكن دائماً أباً. أما فيما بعد فقد صار أباً".
ولقد صار الله أباً عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائناً واحداً. هذا الكائن أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة.
إذن فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان:
- قوة الله الواحدة العامة. - وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذي جاء إلى الوجود من العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول "كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك وقت ما حينما لم يكن موجوداً. وقبل أن يصير لم يكن موجوداً.. بل أنه هو نفسه أول الخليقة لأنه صار" ويقول أيضاً "الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصاً وهو الذي دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته"(17). ولكى يؤيد تعاليمه استخدم نصاً خاصاً اقتبسه من سفر الأمثال: "الرب أقامنى أول طرقه.." (أم22:، وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن "خضوع الابن"، كما تحدث عن "ميلاد الكلمة الأزلى" وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم أوريجانوس، وذلك عندما أضطر فيما بعد أن يقر "بالميلاد قبل الدهور" مفسراً ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذي سبق خلقه العالم. فعند أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضاً أن يوجد.. والابن هو المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل. ويعتبر أن معرفته محدودة لأ، ه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. "وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع الكائنات، هكذا أيضاً الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة، طالما أنه يرغب في أن يبقى صالحاً.. حينئذ عندما يريد فإنه في استطاعته هو أيضاً أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير"(18).
أن بولس الساموساطى استعمل اصطلاح "القدرة على الاكتمال الذي أتخذ منه أريوس كل تعبيراته.. وفقاً لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة في إنسان. ومن ناحية أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى الله إستعارياً فقط. وهو نفس الاسم الذي يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضاً حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة "التبنى Adoptionism" عن المسيح.
النتيجة الأولى لهذا التعليم: هو أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضاً عن الثالوث إلا أنه اعتبره أنه قد صدر متأخراً ولم يكن أصلياً وأزلياً. لأنه وفقاص لتعليمه فإن الآب وحده كان إلهاً أزلياً.
أما النتيجة الثانية: فهى أن الحياة الجديدة للإنسان التي صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أى شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه أريوس من المدافعين(19) الذين وفقاً للتقاليد نشؤوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد أتخذوا موقفاً مماثلاً عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف "المدافعين" يجد له مبرراً بسبب العصر الذي عاشوا فيه والعالم الذي كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التي ولو أنها كانت حادة. إلا أنها خالية من الحركة والعمق.
ونتيجة لتعاليم أريوس بقوله أن كلمة الله مخلوق وقوله عن المسيح أنه إنسان مؤله (بضم الميم وفتح الواو). بسسبب كمال روحى وخلقى. هذه التعاليم نجم عنها نزاع شديد زعزع أركان الكنيسة والدولة الرومانية.. أن البدعة الأريوسية لم يتم تنظيمها بطريقة سرية مثل غيرها من البدع والهرطقات. بل دخل في صفوفها رجال رسميين في الكنيسة وفى الدولة. وهددت بالاستيلاء على التنظيم الكنسى بأكمله.. وقد أستمرت المصالحة السياسية التي تبعت ذلك حتى موت أريوس وقسطنطين بدون أن تكون على حساب قرارات مجمع نيقية – وذلك عن طريق تفسيرهم المتباين والمؤول بطريقة يشوبها الالتباس.. إلا أن تعاليمهم لم تأت بنتائج. وذلك لأن زعماء الأرثوذكسية لم يقبلوا أريوس في الكنيسة وذلك بسبب إعترافاته المشتبه فيها.. حقاً إنه أثناء هذه الفترة لوحظ تقدم ملحوظ في الحركة التي قادت أيضاً إلى تفوق طفيف للأريوسية. وفى الواقع أن الأريوسيين – بواسطة سلسلة المجامع التي أشرفوا عليها بأنفسهم – نجحوا في تنحية وأبعاد الرؤساء من خصومهم بإتهامات باطلة واهية. وهؤلاء الرؤساء هم أوستاتيوس الأنطاكى عام 330م. وأثناسيوس الاسكندرى عام 335م، وماركيلوس الانقيرى عام 336م.
ساءت الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قنسطانطيوس، فرض الأريوسية على المناطق التي كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350م، فقد فرضها على جميع أنحاء الامبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل بإحلال أساقفة أريوسيين بدلاً من الأساقفة الشرعيين في أهم مراكز الشرق وبعض جهات الغرب.
وبعد وفاة قنسطانطيوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذي كان يدين بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية في أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الامبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس…
[عدل] الفرق الأريوسية كان البناء الأريوسى في عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيماً في الظاهر.. إلا أنه كان من البدء عملاً مزعزعاً. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة، ولكن أيضاً لأن إتجاهه اللاهوتى لم يكن متحداً.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الأسباب دائماً.. لذا فإن الخلافات فيما بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع.
ولقد استخدم أباء مجمع نيقية في قانون الإيمان اصطلاح؟ هومو أوسيوس" أى "الواحد في الجوهر مع.. أو المساوى في الجوهر لـ..". وأرادوا أن يثبتوا بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسي واحد.. وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصاً قالوا فيه بأن الابن "ليس من هيبوستاسيس آخر" أى " ليس من جوهر أخر".. وهكذا فقد أغضب الاصطلاح الأول الأريوسيين المتشددين، أما الاصطلاح الثاني فقد أغضب الأريوسيين المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi – arians) ويبدو أن القانون دبجه لاهوتى غربي من المحتمل أن يكون "هوسيوس" أسقف قرطبة. وكلمة "Hypostasis"(20) "هيبوستاسيس" فيه هي ترجمة للكلمة اللاتينية" Substantia" إلا أنه في الغرب – نظراً لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة Substantia تعنى كلاً من "أوسيا" Oucia أى الجوهر أو الكيان. وكلمة "هيبوستاسيس" Hypostasis أى القوام أو الأقنوم. لذا أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا باثنين هيبوستاسيس (أى قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أى يكونوا مثل الأريوسيين.
[عدل] الأريوسيون المعتدلون كان الأريوسيون المعتدلون (Semi – Arians) أوريجانيين قدامى وكان يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليماً واحداً يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضاً اصطلاحى مجمع نيقيا واعتبروهما سابيليان. ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى "التساوى في الجوهر Omooucios" لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير "مماثل للآب في كل شيء"(21).
وبعد موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك في مجمع ميديولانوس عام 355م. حيث أنهم قبلوا "تماثل الجوهر" أو التشابه في الجوهر "هوميوأوسيوس" الأمر الذي من أجله أطلق عليهم اسم "هوميوأوسيين" وكانوا يختلفون عن القائلين "بالتساوى في الجوهر" أى "الهوموأوسيين" قليلاً، ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شيء.
[عدل] الأريوسيون المتشددون هؤلاء كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشؤوا عن اللوكيانيين الذين قبلوا تعليم "بدعة التبنى".. وكان يرأسهم في البدء يوسابيوس النيقوميدى (فيما بعد أوسابيوس القسطنطينى). وهذا الفريق تشدد في الفصل بين الآب والابن بدرجة أكبر.. وان كانوا أحياناً يخفون أراءهم لأسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين.. وبعد موت أوسابيوس هذا في عام 341. برز بين صفوفهم "ايتيوس" الانطاكى الذي اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفاً من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقاً على يد تلميذه "يونوميوس". أن المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضاً.. وزعموا أن جوهر الله هو في عدم الولادة. أما جوهر الابن فهو في كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم يكونا شبيهين بل نقيضين تماماً.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده. أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلاً من ثلاثة غطسات.
بسبب التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الامبراطور قسطنديوس. هو فريق "الاوميويين" أى (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الاصطلاح "أوميوس OMIOS" (أى شبيه أو مثيل)، ألا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل – بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على كلمة "أوميوس OMIOS" فصار من الممكن أن تعنى أما "تشابه الجوهر" أو تشابه المشيئة.. وأتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا وجهات نظرهم في المجمع الذي أنعقد في سرميوس عام 359م.
[عدل] مواجهة الأريوسية هز الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التي ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص – نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك "أحكام الرسل" بل كما سبق أن قيل أيضاً، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التي كانوا يتغنون بها في كل مناسبة.. أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التي أقحموها للتدخل – لأول مرة – في شئون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة.. وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتاً واستقروا في أنطاكيا، بعد عزل الأسقف أوستاتيوس عام 330م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذي ما لبث أن أعرب في الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقيا..
أما في آسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذي لأجله كان موقف الأرثوذكسيين مرناً..
وفى القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر.. وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفاً للقسطنطينية أستقر في بيت صغير للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما.
وكانت حالة المسيحية في ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة لكى تمد كرازتها في كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للإنشغال بأمور عقائدية دقيقة.
كانت شوارع الإسكندرية تعج باستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك في المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه مضطهديهم، كما أظهرت تمسكاً شديداً بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون في أماكنهم كى يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذي لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية.
ان مسئولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولاً: مجموعة القادة الأول: الكسندروس السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى.
ثم بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير الذي أدار النضال طيلة خمسين عاماً تقريباً.. معضداً أيضاً من الأباء الآخرين أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى وأخيراً الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هي دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله بدون حياة أو حركة..
كشف أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين:
أولهما: أنه أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ أنه سمح بعبادة المخلوق. وثانيهما: أنه قلب "بناء الخلاص" كلية. فإن المخلص الذي أخذ على عاتقه خلاص البشرية يلزم أن يكون هو نفسه حاصلاً على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذي يقوم بعمل التأليه لا يكون واحداً في الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هي أن المسيح لم يصر أبناً لله كجزاء لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذي إلهنا (بتشديد اللام) (أى جعلنا الها). فيقول أثناسيوس "لذلك إذن فالمسيح لم يكن إنساناً وفيما بعد صار إلهاً، بل أنه كان إلها ثم صار إنساناً لكى يؤلهنا" (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة 39). وعلى الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلباً بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها علاجاً.. فإن المطابقة المشار إليها سابقاً بين الاصطلاحين "اوسيا" (أى الجوهر). و"هيبوستاسيس" (أى القوام) صارت مقبولة في الغرب بدون اعتراض. ولكن في الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة "السابيلية". وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الإسكندرية عام 362م حيث أقر بأن كل من لا يرغب في الإعتراف بصيغة "الاوموأوسيوس" (أى المساواة أو الوحدة في الجوهر)، ولكنه يقبل في نفس الوقت بوحدة "الآب والابن فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث مع التفريق بين معنى الاصطلاحين "أوسيا"، و"هيبوستاسيس" مع إضافة معنى "طريقة الوجود الخاص بالكيان" إلى "الهيبوستاسيس".. وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد في ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة "الهوميواوسيين". وأن غالبية الذين رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقيا الأرثوذكسيين، وصلوا أيضاً بعد ذلك إلى قبول مبدأ "الهوموأوسيوس" (التساوى أو الوحدة في الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح في الجوهر أيضاً (أى مع الآب والابن)..
ولهذا السبب ضمن مجمع نيقيا ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة "وبالروح القدس" بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائى فقط في الله بدلاً من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم اسم "أعداء الروح" ولآنه كان يتزعمهم "مقدونيوس". الذي جرده "الأوميوون" من رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضاً اسم "المقدونيون". وهؤلاء حكم عليهم بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379م. والمجمع المسكونى الثاني بالقسطنطينية سنة 381م. ولكى يتجنب الاباء أى مخاطرات جديدة أو أى إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا في هذا المجمع الآخير أى اصطلاحات مثيرة، مثل "الهومواوسيوس" بل استخدموا عبارات متباينة وهى عبارات توضح "المساواة في الكرامة". وهم في هذا قد أتبعوا السياسة الحكيمة التي كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الامبراطور ثيئودوسيوس قراراً بوضع حد لهذا الصراع داخل امبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة، مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التي أقرها "داماسوس" أسقف روما. "وبطرس" أسقف الإسكندرية. وبالتالى أنضم غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد أنضموا على التوالى إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة أنضموا إلى النسطورية وهى البدعة التي حاولت أن تنقص من ألوهية المسيح بطريقة أخرى.
[عدل] مراجع
(1) نسبة إلى سابيليوس صاحبة البدعة السابيلية المعروفة باسمه، والذي ظهر في روما أوائل القرن الثالث. والسابيلية تعلم بأن الآب والابن والروح القدس هم شخص واحد وليس ثلاثة أقانيم. فنقول "أن الآب أعطى الناموس في العهد القديم، ثم ظهر هو نفسه باسم الابن في التجسد، وبعد أن أختفى المسيح بالصعود ظهر هو نفسه باسم الروح القدس. أى أن الثالوث هو ثلاث ظهورات متوالية في التاريخ لشخص واحد، وليس ثلاثة أقانيم لهم جوهر واحد (المعرب).
(2) أنظر "حياة قسطنطين لأوسابيوس المؤرخ" (61:2) والتاريخ الكنسى لسقراط (7:1). (3) أوسابيوس في حياة قسطنطين (64:2). (4) التاريخ الكنسى لسقراط (9:1) بوفيريوس هو أحد فلاسفة "الافلاطونية الجديدة" الوثنيين قرب نهاية القرن الثالث. هاجم المسيحية بعنف وخاصة هاجم ألوهية المسيح (المعرب). (5) الرسالة الدورية إلى الأساقفة بقلم أناسيوس 5:18. (6) باناريون معناها سلة الخير. (7) التاريخ الكنسى لثيئودوريتس (4:1) أنظر "باناريون" لابيفانيوس (6:69). ( "أثناسيوس عن المجامع" 16. (9) "باناريون" لابيفانيوس (7:29). (10) "ايلاريوس عن الثالوث" (12:4، 5:6هـ). (11) "التاريخ الكنيسى لسقراط" (26:1). (12) التاريخ الكنسى لسوزومينوس" (27:2). (13) أثناسيوس ضد الأريوسيين (5:1-6). (14) أثناسيوس عن مجمع نيقية 16 – فيلوستورغيوس التاريخ الكنسى (2:2). (15) أريوس في رسالته إلى الكسندروس وجدت في كتاب أثناسيوس عن المجامع 16. (17) المرجع السابق. (18) "ثاليا" كما جاء في أثنايوس ضد الأريوسيين مقالة 5:1. (19) هم معلمى الكنيسة الذين قاموا بالدفاع عن المسيحية والمسيحيين أمام الأباطرة الوثنيين. وأمام الفلسفات الوثنية المعاصرة وأحياناً ضد الهجمات اليهودية. خلال القرنين الثاني والثالث، ومن أشهر المدافعين يوستيتوس. وتاتيان واتيناغوراس وأوريجانوس (المعرب). (20) كلمة "هيبوستاسيس Hyposasis" اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ – "الدعامة" أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب). (21) أوسابيوس: رسالة إلى كنيسته في كتاب "التاريخ الكنسى لسقراط". كتاب حقبة مضيئة في تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته، دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين، لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م ص 56
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى
علم اللاهوت المقارن / الهرطقات - بقلم الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى - مطبوعات الكلية الإكليريكية للقبط الأرثوذكس ص 62 -
لجدل حول طبيعة السيد المسيح[1]
مذهب اريوس ومذهب اثناسيوس
أولا. مذهب اريوس:
القديس اريوس
اريوس هو احد قساوسة الإسكندرية ولد عام 256م فى ليبيا وتعلم في انطاكية ثم سافر إلى الإسكندرية وانخرط في سلك الكهنوت وكان واسع الإطلاع والعلم فكان واعظاً وزاهداً لذلك التف حوله المؤمنين والكثير من العذارى وأصبح قسيساً عام 313م .
ونظرا لتعليم اريوس وكثرة علمه أصاغ آراء مستقلة في العقيدة وهى أن المسيح مخلوق وليس مولود وانه ليس من نفس المادة الإلهية وانه لسي ابن الله لأنه من صنيعته وبالتالي ينكر اريوس لاهوت المسيح ويؤكد بذلك وحدانية الله .
وتعارضت أفكار اريوس مع الأفكار التي كانت سائدة في ذلك الوقت والتي تؤكد ألوهية المسيح وانه الكلمة شأنه شأن الأب والروح القدس.
انقسمت كنيسة الإسكندرية بين هذه الآراء وحدث الخلاف فتدخل اسكندر بطريرك الإسكندرية لحسم الخلاف وعقد بالفعل مجمعاً عام 319-320م في الإسكندرية وكان برئاسة اسكندر ومستشاره اثناسيوس وتم المناقشة والنتيجة أدانه اريوس وحرمانه من الكنيسة وطرده من مصر والقساوسة المؤيدين .
ولقت أفكار اريوس رواجاً وانتشارا في الإسكندرية وخارجها بمساعده أتباع اريوس الذين نشروا أفكاره لذلك تجمع القساوسة المعارضين لوقف هذا الانتشار وتم عقد مجمع عام 321م وقرر فيه لعن اريوس وأتباعه .
ولم ييأس اريوس بعد فتوجه إلى فلسطين والتقى بصديقه يوسيبيوس الذي كان له صله بالامراطور وشرح له قصته وقد ساعده صديقه هذا في عقد مجمع عام 322م للمناقشة وتلقى بالرفض أيضا من قبل اسكندر مما أدى إلى زيادة تمسك أتباع اريوس وأيضا إلى عموم السخط والإضراب في المدينة.
ورأى الإمبراطور قسطنطين أن يتدخل فعقد مجمع نيقية عام 325م وتم حضور 318 أسقفا وتقرر فيه بعد مناقشة طويلة أن الابن مساوي للأب في الجوهر وحرمان اريوس وأتباعه ومنعهم من دخول الإسكندرية .
وفى عام 328 مات اسكندر بطريرك الإسكندرية وتولى بعده مستشاره اثناسيوس .
ثانياً. مذهب اثناسيوس :
القديس اثناسيوس
كان اثناسيوس يعارض مذهب اريوس بشده مما أدى إلى اندلاع الخلاف الشديد بينهم وأيضا ادعاء اثناسيوس أن اريوس وأتباعه هراطقة لذلك انقلبوا أتباع اريوس عليه ووضعوا الخطط والفتن للإيقاع به وأيضا إنشاء الفتن بينه وبين الإمبراطور قسطنطين للقضاء عليه إلى أن مات على 373م .
موقف الإمبراطور قسطنطين :
بالنسبة إلى الإمبراطور فكانت رؤيته سياسية أكثر منها دينية لذلك قام بتأييد اثناسيوس ومذهبه فترة ثم اريوس ومذهبه فترة أخرى ، والسبب في ذلك أن المذهب الاثانوسى كان له رواجاً في الغرب فإذا لم يؤيده انقلب عليه الغرب وعندما قام قسطنطين بنقل العاصمة من الغرب إلى الشرق في القسطنطينية كان يريد تأييدا في الشرق أكثر فنصر مذهب اريوس لأنه كان له رواجاً في الشرق أكثر مما هو في الغرب .
وبذلك قد أوضحنا لكم ملخصاً بسيطاً عن الخلاف الذي دار بين المذهبين . فيديو