كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق


 
الرئيسيةبوابه 1أحدث الصورالتسجيلدخولالنشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل I_icon12

 

 النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المعتمد بن عباد
Admin
المعتمد بن عباد


ذكر الموقع : اندلسى

النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Empty
مُساهمةموضوع: النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل   النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Emptyالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 8:01 pm


الدكتورة صباح إبراهيم الشيخلي
كلية الآداب - جامعة بغداد

أولا : ابن حوقل والمغرب :
أ - حياة ابن حوقل ونشأته
لا نعرف إلا القليل عن الرحالة و"لتاجر إلى القاسم محمد بن على بن حوقل (1)، فالغموض يلف تاريخ ولادته ومكانها، حيث اختلف الكتاب العرب الوسطيين الذين أخذوا عنه في نسبته ، فأسماه بعضهم "النصيبي " (2)، وآخرون "الموصلي"(3)، واكتفى أكثرهم باسم ابن حوقل أو الحوقلي(4). وكما اختلف الكتاب

(1/6512)




(ا) أهملت كتب تر"جم الرحال ذكر ابن حوقل ، مما جعل معرفتنا قليلة بحياة هذا الرجل. ويعزو بعض الباحثين هذا الإهمال إلى ابن حوقل كان رحالة متجولا لم يستقر به المقام في بلد. انظر : عبد الواحد ذي النون طه، "الأندلس من خلال كتاب صورة الأرض لابن حوقل )، المؤرخ العربي، العدد 3، (1983)، ص . 30 سعد عبود سمار، ابن حوقل . دراسة تاريخية في كتابه صورة الأرض، رسالة ماجستير غير منشورة (جامعة البصرة، 1987)، صص. 2-3.
(1/6513)




(2) الصاحب عز الدين أبو عبد الله بن على بن شداد، الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة، نشرة دومنبك صوديل(دمشق ، 1953)ج1، ق1، ص 139.
(3) زكريا بن محمد بن محمود القزويني ، آثار البلاد وأخبار العباد (بيروت ، دار صادر، 1960، صص. 419-458 ياقوت الحموي ، معجم البلدان،(دار صادر، بيروت ، 19، ج1، صص262 ،369،542،ج2 ، ص. 339،ج3،صص . 419،458.

(4) عبد الله بن عمد بن إدريس الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ، (روما، 1970)، ج2 ،

(1/6514)




في نسبته ، فقد اختلفت المخطوطات التي عثرنا عليها لكتابه "صورة الأرض "، فيما يخص لقبه فبعضها تسميه "النصيبي" والأخرى "الحوقلي البغدادي ،)(5). ولكن الشيء المؤكد عن حياة ابن حوقل علاقته الوثيقة بمدينة بغداد - مكان نشأته ولتكوينه الفكري ومنطلق رحلته العلمية - التجارية الشهيرة التي استغرقت اكثر من ثلاثين عاما إلى أقاليم الدولة العربية الإسلامية. عرف عن ابن حوقل شغفه بقراءة وتمحيص كتب المسالك والممالك ، والظاهر أن اطلاعه على ما بها لم يوفر له القناعة الكافية لذا قرر القيام برحلته المعروفة، توسيعا
(1/6515)




لمعارفه عن البلدان ، إلى جانب رغبته في تحقيق الربح التجاري والابتعاد عن الجو السياسي المتسم بالظلم والفساد، وإشباعا لميله إلى الأسفار ر"لمغامرة(،). بدأ ابن حوقل رحلته ، كما يقول ذلك نفسه ، من بغداد مدينة السلام "في يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة أحد وثلاثين وثلاثمائة،) (15 أيار/ ماي سنة 943 م)، وزار خلالها مصر والمغرب والأندلس وصقلية والجزيرة والعراق والأحواز وجرجان وغيرها. والذي يهمنا في أسفاره جلته إلى المغرب التي وصلها عام 336هـ/ 947م وقضى فيها أربع سنوات ، جل بعد ذلك إلى الأندلس في
(1/6516)




عام 340هـ / 951م ، وفى طريق عودته من الأندلس مر على المغرب ثانية حيث نجده في هذا الإقليم عام 350هـ /961م (7 )

ص . 177 إسماعيل بن على بن محمد أبي الفدا، تقويم البلدان ، نشرة رينو (باريس ، 1848، صص . 44-58-90-122-139 شمس الدين أد عبد الله محمد إلى طالب ، نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ( بطرسبورغ ، 1865، ص 122 عبد الرحمن بن خلدون، المقدمة (دار إحياء الترات العربي، بيروت ، د-ت )، ص . 53- علي بن عيسى الديهي، عجائب البلدان والجبال والأحجار، مخطوط مكتبة الداسات العليا، كلية الآداب ، جامعة بغداد (رقم

(1/6517)




14 ) ورقة 56-142-161.
(5) أبو القاسم بن حوقل ، صورة الأرض ، (منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت 1979)، ص7.
(6) المصدر نفسه ، صص . 10-273. ومما يذكر أن بعض الباحثين أضاف سببا آخر لرحلات ابن حوقل ودلك لكونه داعية سياسيا للفاطميين أو العباسيين ، فقد كان يجمع لهم معلى مات تخصهم على أقاليم الدولة العربية الإسلامية. انظر . اغناطيوس يوليانوفتش كراتشكرفسكي ، تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة صلاح المدين عثمان هاشم (دار المغرب الإسلامي ، بيروت ، ط2، 1987)، صص 216-221 ليقي بروفنسال ، حضارة العرب في الأندلس

(1/6518)




، ترجمة دوقان قرطوط (منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت 19) صص 87-88.
(6) صورة الأرض ، صص . 152- 193 .
c.van ArendowicL

ENCYCLOPIDIE OF ISLAM, NEW
Edition, art, ibn haw kal

عد الباحثون المحدثون ابن حوقل من بين أصحاب المدرسة الجغرافية العربية الكلاسيكية التي اهتمت بوصف البلدان (Cool. ولكنه تميز عنهم بمشاهدته لكل ما كتبه ونقده لكل ما سجله ، ثم التدوين بلغة معقولة سلسة(9). ولذا جاءت معلوماته على درجة كبيرة من الدقة العلمية، ويظهر هذا واضحا وبشكل، متميز فيما كتبه عن إقليم المغرب . يقول كراتشكوفسكي :

(1/6519)




"وإنه يجب الاعتراف بأن ابن حوقل هو الخبير الأول بين جغرافي هذه المدرسة الكلاسيكية في شؤون المغرب ، ؟إن معلوماته الكثيرة عن تلك البلاد اكتسبت كتابه صورة الأرض شهرة في بلاد المغرب "(10) .
وهذه شهادة مهمة من باحث درس الجغرافية العربية بعين الناقد المتفحص والعارف الدقيق ، ولعل الملاحظة المهمة التي أبداها كراتشكوفسكي عن ابن حوقل والمغرب هي التي دفعتني لمعرفة أسباب ما ذهب إليه.
(Cool كراتتكوفسكي ، المصدر السابق ، ص22.

(1/6520)




(9) أدم متز، الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري أو عصر النهضة في الإسلام ، ترجمة عبد الهادي أو ريدة (دار الكتاب العرفي ، بيروت ، ط 3،1958)، صص 5-8.
(10) تاريخ الأدب الجغرافي ، ص221.
فيما يخص المدرسة الكلاسيكية الجغرافية العربية فيه تشمل كتب المسالك والممالك التي كتبها البلخي والإصطخري وابن حوقل والمقدسي. (كراتشكوفسكى، ن .م ، ص221 . وكان الإصطخري ميدان السبق في كتب المسالك والممالك ، أما ما كتبه عن المعرب فيشمل وضع حدود هده البلاد إلا أن ذلك لم يصل إلى ما رممه أبن حوقل من حيث الدقة والوضوح

(1/6521)




. كما وصف الإصطخري مدن المغرب وحدد المسافات لينها، وذكر معلومات متفرقة عن لعض الثروات الطبيعية وعموميات الإنتاج الزراعي لمدن المغرب وكذلك سكانها. أما الفعاليات التجارية للمعرب فقد أشار إلى تجارة الذهب مع بلاد السودان تطرق إلى الحركة الملاحية بين المغرب والأندلس. انظر أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإصطخري ، المسالك والممالك ، تحقيق محمد جابر عبد العال الحسيس (دار القلم ، القاهرة، 1961)، صص 34-8.
أما المقدسي، الذي وصفت معلوماته بالأصالة، وعمق الملاحظة والصياغة ألمنظمة كراتشكوفسكي ، ن .م ص227)، فقد

(1/6522)




كان اهتمامه بالمغرى قد برز في وصفه للتقسيمات الإدارية لهذا الإقليم الذي يشمل الأندلس والمغرب في أيامه . وأشار أيضا إلى بعض الحاصلات الزراعية والثروات المعدنية وغير المعدنية لبعض مدن المغرب وإلى الأسواق التجارية فيها. ولكنه ، وكما يقول هو نفسه ، إنه ذكر ذلك باختصار خوفا من ملاط القارئ وطول الكتاب . وعلاوة على ذلك لم يتطرق المقدسي إلى شبكة الطرق التجارية أبدا والتي فصل فيها ابن حوقل . حول ما ذكره المقدسي انظر : شمس الدين أبو عبد الله محمد أحمد المقدسى البشاري ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم
(1/6523)




(بريل ليدن 1906 ) ص 228.

ب - المغرب في كهاب صورة الأرض :
كتب ابن حوقل عن المغرب بوصفه شاهد عيان لما شاهده وما عرفه بنفسه عن كثب وما سأل فيه أهل تلك البلاد ممن وثق بمعرفته ، ولندعه يذكر لنا مصادر معلوماته عن المغرب فهو يقول : "هذه صورة المغرب وسكان كل عمل ومدينة منها وموقعها من شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، حسب ما أدت الاستطاعة إليه ووقعت بالمشاهدة والخبر الصحيح بالمفاوضة عليه "(11).
وفي موضع آخر من كتابه يؤكد ذلك بقوله : "وهذه .. . مما انتهيت إليه وأدركته بالعيان أو أخذته ممن نشأ فيه ،،(12).

(1/6524)




وعلى ذلك جاءت معلومات ابن حوقل عن المغرب دقيقة وموثوق فيها.
والسؤال الذي يطرح نفسه أولا ماذا كتب ابن حوقل عن المغرب ! وملخص الجواب بكلماته هي : "صورت مدنه وذكرت أعماله وازلفاعها وما فيها من التجارات والمجالب إلى ما سوى ذلك "(13). فابن حوقل إذن دون كل ما ر"ه وخبره وأثار انتباهه في بلاد المغرب.
بدأ برسم حدود إقليم المغرب بدقة في القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي ، اكثر من أي جغرافي أو كاتب عاصره ، وهو عنده يبدأ من -برقة شرقا إلى سواحل المحيط الأطلسي غربا، أما جنوبا فيمتد المغرب إلى نواحي أرض

(1/6525)




أودغست وأرض غانة (بلاد السودان ) ويحده بحر الروم من الشمال . كا جعل الأندلس في جملة بلاد المغرب (،1).
رسم ابن حوقل خارطة ثبت فيها مكان المدن الساحلية و"لداخلية المغربية بالإضافة إلى مراكز الاستقرار الصحراوية وبعض معالم بلاد السودان . كما لم ينس أن يثبت شبكة الطرق البرية التي ربطت بين مناطق المغرب ومدنه ومحطاته التجارية.
(11) صورة الأرض ، ص69.
(12)ن .م ،ص83
(13) ن . م ، ص64.
(14) ن . م ، صص.64-5. ومن الملاحظ أن المقدس ضم صقلية إلى إقليم المغرب . ولم يدخل الأندلس ، لأنها كانت مستقلة وتحت حكم

(1/6526)




الأمويين في أيامه . أحسن التقاييم ، ص.216.

دون ابن حوقل وصفا شاملا لمدن المغرب ، صغيرها وكبيرها، قراها ومحطاتها، ولم يترك شيئا منها إلا وصفه ، على حد قوله (15). وشملت أوصافه بصورة عامة الوضع السياسي لمدن المغرب ولخصه بأن المغرب من برقة إلى آخر أعمال طنجة"في جملة صاحب المغرب وحوزته وقبضته أو في يد خليفته )(16)، وهو يريد بذلك السلطة الفاطمية أو ممثليها في القيروان من آل زيري الصنهاجيين.
أما التقسيمات الإدارية لبلاد المغرب فلم يذكرها بصورة واضحة، لكنه سجل بعض الاصطلاحات الإدارية مثل الكورة (وحدة

(1/6527)




إدارية أصغر من الإقليم )، والمدينة (وحدة إدارية)، والرستاق (المنطقة الزراعية التابعة للمدينة)، والناحية (أحد أقسام إقليم ما،)(17)، والقرية (وحدة إدارية أصغر من المدينة)، وقسمها إلى صغيرة وكبيرة. وذكر ابن حوقل أسماء بعض الوظائف الإدارية في مغرب القرن ،ر/5ام مثل الوالي ، والعامل ، وصاحب الصلاة (وهو الناظر في شؤون البلد)، وصاحب الشرطة(18). ومن المناصب الإدارية الأخرى التي ذكرها صاحب بيت المال وصاحب الخراج وصاحب ديوان المغرب ، أما سلطان المغربي فمقره القيروان (19).
(1/6528)




تطرق ابن حوقل ، أثناء وصفه لمدينة ما، إلى بعض الجوانب التاريخية الخاصة بها مثل تحديد زمن بنائها أو خرابها، وبعض الأحداث التاريخية التي شهدتها. ولم ينس ذكر البناء الوظيفي للمدينة المغربية من حيث حجمها ووظائفها : الإدارية و"لدينية والعسكرية والتجارية(20).
اهتم ابن حوقل ببعض الجوانب الجغرافية لإقليم المغرب ، فذكر ثرواته الطبيعية : زراعية وحيوانية، معدنية وغير معدنية، فضلا عن مصادر المياه فيه .
(15) صورة الأرشيف ص83 .
(16) ن . م ، صص 83-4.

(1/6529)




(17) ن . م ، ص . 83-86-94. ومما يذكر أن الجغرافي المقدس المعاصر لابن حوقل، قسم إقليم المغرب إلى سبع كور هي : برقة وإفريقية وتاهرت وسجلماسة وفاس والسوس الأقصى وصقلية. أحسن التقاسيم ، ص 216.

(18) صورة الأرض ، صص 70-72-144.
(16) ن . م ، صص 94.
(19) انظر : سمار، المصدر السابق ، صص 187-239.

كما نالت الجو"نب الاجتماعية اهتمام ابن حوقل فقد ذكر سكان إقليم المغرب ، وتقاليدهم وعاداتهم وأخلاقهم وملابسهم وعلمهم . وانفرد من بين جغرافيي عصره بتدوين قائمة طويلة لأسماء قبائل المغرب وصحاريه. إذ ذكر ما لا يقل

(1/6530)




عن مائتين منها، موزعا إياها على أقسام المغرب المختلفة وصحاريه. وبذلك يكون ابن حوقل قد حفظ لنا خارطة أولية للتوزيع السكاني في إقليم المغرب في القرن 4هـ/10م .
تابع ابن حوقل الشؤون الاقتصادية للبلدان التي مر بها، فرسم في كتابه مخططا دقيقا للإنتاج في العالم على أيامه ، وهو الجغرافي الوحيد في عصره الذي أولى الأمر ذلك الاهتمام المتميز(21). وكانت اقتصاديات المغرب في ضمن هذا الخطط ، إذا احتلت مساحة واسعة فيما دونه ابن حوقل عن المغرب ،وشملت الجوانب النشاط الزراعي والصناعي والتجاري لمغرب القرن هـ د/5ام .

(1/6531)




وتحك الفعاليات التجارية المغربية باهتمام متميز من ابن حوقل . وإذا كانت مثل هذه الفعاليات في أقاليم الدولة العربية الإسلامية قد نالت اهتمامه الواضح ، فإن ما سجله عن التجارة لمغرب القرن 4هـ/10م يمكن أن يعد الإضافة المهمة التي سطرها والتي ميزته عن غيره من البلدانيين الذين كتبوا عن المغرب . ويعزى اهتمام ابن حوقل بالفعاليات التجارية ببساطة إلى الحس التجاري الذي امتاز به لكونه كان يمض لن التجارة، وهى دافعه الأسلسي في الرحلة والتجول (22).
(1/6532)




جاءت معلومات ابن حوقل التجارية عن المغرب مفصلة شاملة، اهتم أولا بتبيان الأسباب التي تتحكم في تجارة هذا الإقليم ، ثم صنف الأنشطة التجارية المغربية إلى تجارة داخلية وتجارة خارجية : برية فسرية لكلا الصنفين . ورسم شبكة الطرق التجارية الرئيسية والفرعية سواء أكانت ساحلية أو داخلية بدقة، وأعلى لمحطاتها التجارية اهتماما كبيرا. وضع ابن حوقل قائمة بأسماء السلع الصادرة والو"ردة إلى بلاد المغرب من مختلف الأنواع ومن وإلى مختلف الجهات الداخلية و"لخارجية. كما نالت بعض النظم التجارية اهتمام ابن حوقل فذكر
(1/6533)




الأسواق وأنو"عها، والعاملين بالتجارة، وكذلك الضرائب المفروضة على التجارة. ولم ينس التطرق إلى

( 21) كراتشكوفسكي ، المصدر السابق ، ص220.
(22) المصدر نفسه ، صص21-220
طرق التعامل التجاري والأسعار والموازين والمكاييل ! فجاءت معلوماته عن النشاط التجاري غاية في التفصيل والشمول ، فضلا عن دقتها لأنه سبر غورها بالمشاهدة والمعرفة الشخصية.
ثانيا : تجارة المغرب في القرن ،4هـ /10م.
أ – العوامل التي تتحكم في التجارة : كانت الفعاليات التجارية لمغرب القرن ،هـ /215، كما صورها كتاب صورة الأرض ، نشيطة وواسعة

(1/6534)




ومتنوعة، تدر أرباحا كبيرة على تجارها(23). وأسباب هذا الانتعاش التجاري يجدها الباحث المتمعن مبثوثة بين سطور الورقات التي كتبها ابن حوقل عن المغرب . ومما لا شك فيه أن التجارة تعتمد بصورة أساسية على ما تنتجه الزراعة من حاصلات وما تنتجه الصناعة من سلع فضلا عن الثروة الطبيعية والحيوانية، وهذا ما .حاول ابن حوقل توضيحه ، مهتما بربط ذلك بالواقع الجغرافي والسياسي للمغرب في القرن ،4هـ/15 م.
أدى النشاط الزراعي للمغرب دورا أساسيا ومهما في نشاط الحركة التجارية لهذه البلاد، فقد اتخذت المنتجات الزراعية في

(1/6535)




مقدمة السلع التجارية، وهذا ما أكد عليه ابن حوقل مرارا، إذ كان يربط بين الإنتاج الزراعي في المغرب وبين حركة التجارة. فحين يتكلم عن مدينة سرت يقول "لها أجنة و"سعة ومزارع عظيمة . . . وأهلها تجار"(24). وجمعت تاهرت بين توفر المحاصيل الزراعية والأشجار والبساتين وبين التجارة الواسعة (25)، كما جمعت فاس هي الأخرى بين الغلات الكثيرة والتجارات (26)، وكانت أغمات كثيرة الخير كثيرة التجارة(27).

(23) انظر مثلا : ابن حوقل ن . م ، صص 73-76-90.
(24)ن .م ،ص 81.
(25) ن . م ، ص 86.
(26)ن. م ،ص89.
(27)ن. م ،ص90.

(1/6536)




وعلاوة على ذلك فإننا نجد ني صورة الأرض زخما من المعلومات عما يتوفر من محاصيل زراعية في كل مدينة وناحية في إقليم المغرب ، مع توضيح خصوصية كل منها فيما تنتجه من محاصيل زراعية . ويعزو ابن حوقل وفرة الإنتاج الزراعي في المغرب إلى طبيعة هذه البلاد الجغرافية، حيث توفر المياه وخصوبة التربة وجودة الهواء، وهذا ما أدى إلى كثرة الغلات والزروع في مدنه ، التي لم تدر أرباحا طائلة على مزارعيها فحسب وإنما على تجارها أيضا(28).
(1/6537)




ويمكن أن نسجل الملاحظات التالية عن الإنتاج الزراعي لمغرب القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد:
1 - تكثر في المغرب من إفريقية إلى أخر أعمال طنجة المدن والمزارع والمياه ، فأرضه زراعية معطاء(29).
2 - يتنوع فيه الإنتاج الزراعي الذي يزيد عن حاجة المدن التي تنتجه ، فتصدره إلى حيث الطلب عليه داخل المغرب أم خارجه (30).
3 - كانت الحنطة والشعير في مقدمة الحاصلات الزراعية التي تنتجها مدن المغرب وعلى نطاق واسع (31).

(1/6538)




4 - تنتج مزارع المغرب الواسعة غلات مهمة في السوق التجارية مثل القط!ن والسمسم والكتان والقنب وقصب السكر و"لزيتون (ولأ).
5 - تتوفر الأشجار المثمرة في بساتين مدن المغرب ، حيث تنتج كميات كبيرة من التين والأترج والسفرجل ، والجوز واللوز، بالإضافة إلى التمور التي تنتجها أشجار نخيل المغرب ، وأنو"ع أخرى من الفواكه المتنوعة والكثيرة(33) .
وقد رافق الإنتاج الزراعي الوفير والواسع لمدن المغرب في القرن 4هـ/0ام كثرة الثروة الحيوانية، التي كانت من الأسباب المنشطة لحركة التجارة المغربية.

(28)ن .م ،صص76-81،.

(1/6539)




(29) ن . م ، صص83 .
(30)ن .م ،صص 88-89.
(31) ن . م ، صص 81-90-88-84-85-90-73-75-89.
(لألأ) ن. م ، صص 90-87-85-90-92-77-89-81-86.
ونستطيع أن نجمل ملاحظات ابن حوقل عن الثروة الحيوانية ومنتجاتها عن المغرب بما ل! . ا - كثرة الثروة الحيوانية ومنتجاتها بما يزيد عن حاجة المدن المنتجة لها(34).
1 - تنوع الثروة الحيوانية في بلاد المغرب ، فهي على سبيل المثال ، الغنم ، والبقر والدواب والخيل والإبل والأسماك (35).

(1/6540)




2 - كانت منتجات الثروة الحيوانية المغربية واسعة، وشكلت سلعا أساسية في الحركة التجارية المغربية في القرن ،د/5ام ، ومنها الزيت والعسل والسمن والصوف والجلود(36).
وكان من أسباب النشاط التجاري توفر الثروة المعدنية وغير المعدنية في بعض مدن المغرب ومناطقه . فهي على سبيل المثال الحديد والرصاص والزئبق والقطران والشب والمرجان (37).
كما لم ينس ابن حوقل الربط بين الإنتاج الصناعي والتجارة. فتوفر السلع المصنعة في بعض مدن المغرب كان عاملا من عوامل نشاطها التجاري . فالمنسوجات الصوفية التي تنتجها طرابلس

(1/6541)




وقسطيلية وغيرها كانت تشكل سلعا تجارية تصدر إلى المشرق (38)، وكذلك الحال بالنسبة إلى الخزف والفخار(39).
ومن الملاحظ أن -الموقع الجغرافي لبعض مدن المغرب كان عاملا مهما في ازدياد الفعاليات التجارية فيها، ويمكن تصنيف هذه المدن على الشكل التالي :
1 - مدن جعلها موقعها محطات تجارية حدودية تعمل على تصدير واستيراد السلع والمنتجات . ومن هذه المدن مدينة برقة التي كانت أول محط!ة تجارية يصلها القادم من مصر وآخر محطة تجارية يغادرها الذاهب إلى مصر والشرق . ولذا كانت

(34) ن . م ، صص .77.

(1/6542)




(35) ن . م ، صص 73-75-77-86-94-95 .
(36) ن . م ، صص . 72-77-78-86 .
(37) ن . م ، صص . 77-86-94-69-70-77-76 .
(38) ن . م ، صص 72-92-94.
(39) ن . م ، ص 75.

حركة التجارة دائبة فيها لا تنقطع ليلا ولا نهارا، فكثرت تجارتها وتجارها، وازدهرت أسواقها بضروب المتاجر "الصادرة في المشرق والواردة في المغرب "(40).
وفى المحطات التجارية الحدودية المهمة مدينة سجلماسة، التي تعد مركز القوافل التجارية الصحراوية الذاهبة إلى بلاد السودان ، أو القادمة منه . فهي مركز لتجمع "القوافل التجارية التي تقطع بلاد المغرب لتصل

(1/6543)




إلى سجلماسة ومنها تنطلق عابرة الصحراء إلى بلاد الزنج ،(41).والملاحظ أن أهمية سجلماسة التجارية إنما جاءت في ارتباطها بطرق تجارية متعددة الاتجاهات مع مدن المغرب ، فأصبحت مركزا لتجمع التجار المغاربة وغير المغاربة(42).
2-مدن جعلها موقعها محطات تجارية مهمة لكونها تشكل حلقة وصل للطرق التجارية المغربية وبعدة اتجاهات ، رمنها على سبيل المثال مدينة المسيلة (مركز منطقة الزاب )(43)، التي كانت محطة ابتداء وانتهاء الطرق التجارية بين إفريقية والمغرب ا لأقصى(44).

(1/6544)




كما كانت كل من فاس وأغمات محطات تتجمع وتتفرق عندها عدة طرق ، ولهذا فقد ربطت مدن المغرب الأقصى، فنشطت فعالياتها التجارية(4"). ويمكن أن يقال الأمر ذاته بالنسبة ليهل مدينة مغربية ارتبطت بطرق التجارة الرئيسية والفرعية. 3 - مدن جعلها موقعها الجغرافي محطات نشطة للتجارة البحرية، وهي مدن سواحل المغرب ، كأجدابية وسيرت وطرابلس وقابس وبرقة وتنس ووهران وسبتة وغيرها(46).
4- مدن جمعت بين التجارة البحرية وبرقة معا. فموقعها على البحر جعلها مراسي للمراكب التجارية، وارتبطت في الوقت نفسه بمراكز التجارة البرية

(1/6545)




الداخلية.

(40) ن .م ،ص69.
(41) ن .م ،ص65.
(42) ن . م ، ص 65. ص97.
(43) المقدس ، أحسن التقاسيم ص 220.
(44) ابر حوقل ، صص85-90 .وقد حظيت هذه المدينة باهتمامه كثيرا.
(45) ن .م ،ص 90.
(46) ن . م ، صص 79-80-82-94.

ويعدد ابن حوقل عددا من أمثال هذه المدن مثل سرت التي جمعت بين التجارة البرية والمبحرية فكانت "تجتازها القوافل . . . وتردها المراكب بالمتاع وتصدر عضلا"(47). أما أجدابية فهي بالإضافة إلى كونها مركزا للتجارة البحرية بسبب قربها من البحر "حيث تأتيها المراكب وتصدر عنها بضروب من التجارة"، كانت

(1/6546)




محطة تجارية للقوافل "صادرة وواردة من بلاد السودان "(48). كما ارتبطت طرابلس وبونه بطرق تجارية مع المدن المجاورة لها فضلا عن ارتباطها بالطرق البحرية(49).
لم ينكر ابن حوقل الإشارة إلى تأثير الوضع السياسي على الفعاليات التجارية في المغرب . إذ أن خضوع هذه البلاد لسلطة سياسية موحدة، قد وفر لها الأمن والاستقرار الضروريين للنشاط التجاري في القرن 4 هـ/11م ، إذ يقول في ذلك : (كانت المغرب من برقة إلى المحيط الأطلسي إلى صاحب المغرب وتحت حوزته وقبضته أو في يد خليفته )(50)، ويقصد ابن حوقل بذلك السلطة

(1/6547)




الفاطمية أو نوابها في المغرب من آل زيري .
يشير ابن حوقل ، من حين لآخر، إلى تأثير الوضع السياسي ي منطقة أو مدينة على ازدهار أو تدهور فعالياتها كما هي الاقتصادية ومن ضمنها التجارة. فمدينة تاهرت ، على سبيل المثال ، كانت ذات غلاه وفيرة وتجارات واسعة كبيرة، إلا أنها قد تغيرت في أيام ابن حوقل فكثر القحط فيها بسبب تواتر الفتن عليهم )، وعد أهلها من الفقراء(51).
- أما مدينة المهدية فقد كانت سنة ،336ه/947م مقرا لحكام المغرب الفاطميين وجيوشهم ، كما هي مركزهم السياسي والإداري ، ولذا توسعت تجارتها ونشمط

(1/6548)




!ارها، ولكن بعد انتقال مركز الحكيم عنها فقد "اختلفت حوالها والتاثت أعمالها وانتقل منها رجالها، بانتقال ملوكها عنها وبعدهم منها. . .)،(52) وزاد الوضع سوءا بدخول أحد الثائرين إليها (وهو أبو زيد مخلد بن كيداد) وسيطرته عليها، فضعف نشاط المهدية التجاري .

(47)ن .م ،ص 71.
(،،) ن . م ، ص 70.
(ر،) ن . م ، صص 72-77.
(5د)ن .م ،صص 83-4.
((د)ن .م ،ص 93.
(4،) ن. م ، ص 73.

أما القيروان فكانت أيام زيارة ابن حوفل للمغرب "أعظم مدينة بالمغرب وأكثرها تجرا وأحوالا وأحسنها منازل وأسواقا"(53). ويعود سبب ذلك إلى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shabab-tari5h.all-up.com
المعتمد بن عباد
Admin
المعتمد بن عباد


ذكر الموقع : اندلسى

النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Empty
مُساهمةموضوع: رد: النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل   النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Emptyالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 8:05 pm

(1/6549)





كونها المقر السياسي والإداري لنواب حكام المغرب الفاطميين . فهي عاصمة حكام المغرب من آل زيري على أيامه ، وكانت ترد إليها جميع الجبايات والضرائب . كما ترد إليها الغلات من جهات المغرب المختلفة التي ترتبط معها بشبكة من الطرق البرية فاتسعت لذلك أسواقها وكثرت بجاراتها.
2 - أنواع الأنشطة التجارية :
يمكن تصنيف أنشطة المغرب التجارية ني القرن 5د/215 إلى تجارة داخلية وأخرى خارجية.
أ - التجارة الداخلية :
شهد إقليم المغرب نشاطا تجاريا داخليا قائما على تبادل السلع والبضائع بين مناطقه ومدنه المختلفة، وكان هذا
(1/6550)





النشاط بريا فسريا. فالتجارة البرية الداخلية في المغرب ، إما أنها إقليمية محدودة في منطقة واحدة وبين مدن متجاورة، أو واسعة بين مدن ومناطق متباعدة.
لقد شهدت منطقة إفريقية(54) نشاطا تجاريا في الصنف الأول بين مدنه المختلفة، فالإنتاج الوفير في مدينة ما، كان ينقل إلى المناطق المحتاجة إليه . فمن أوجله الواقعة جنوب برقة على طرف الصحراء والمشهورة بكثرة وجودة ثمرها، صدر التمر إلى برقة(55). كما أن وفرة الإنتاج الزراعي من حبوب وفواكه وثمار، ووفرة الثروة الحيوانية في بونة، جعلها تصدر ما يزيد عن حاجتها إلى
(1/6551)





المناطق المجاورة، فيغرقها أو يزيد، على حد قول ابن حوقل (56).

(53) ن . م ، ص 94.
(54) يقسم الجغرافيون العرب المغرب عموما إلى ثلاثة أقسام هي : إفريقية والمغرب الأوسط والمغرب الأقصى، وسنتبع هذا التقسيم في بحتنا. أنظر أبو الفدا، تقويم البلدان ، ص122.
(55) أبن حوقل ، ن . م ، ص69.
(56) ن . م ، ص .77.

ومن تونس حملت البضائع ، والسلع إلى القيروان ،و بخاصة القطن والقنب والكرويا والعصفر والعسل والسمن ، والحبوب والماشية(57). وحمل إلى القيروان من جزائر بنى مزغناي (على ساحل البحر) العسل والتين والسمن (58)،
(1/6552)





وحمل السفرجل المعتق من المسيلة(59)، وبهذا تكون القيروان قد احتلت مركز الصدارة في التجارة الداخلية لمنطقة إفريقية، لكونها عاصمة البلاد ومقر حكامها، كما أسلفنا القول . وهذا ما يشجعنا على القول بأن التبادل التجاري بين مدن الساحل ومدن الداخل في منطقة إفريقيا كان واضحا في القرن 4ه/10م(60).
أما منطقة المغرب الأقصى فقد شهدت هي الأخرى نشاطا تجاريا إقليميا واسعا، فانتقلت البضائع والسلع بين مدنها المختلفة كفاس وسجلماسة وأغمات والسوس . وحدث الأمر نفسه بالنسبة لانتقال السلع من المناطق الداخلية إلى السهل
(1/6553)





الساحلي ( 61) .
وفي مجال التجارة الداخلية الواسعة، كان لمنطقة إفريقية نشاط متميز أيضا. إذ لدينا في كتاب صورة الأرض أسماء البضائع والسلع التي ترسل من مختلف مدن المغرب إلى إفريقية - مركز الحكم والإدارة لإقليم المغرب في القرن 4هـ /10م. فمدينة قسطيلة كانت "ممونة افريقيا بتمورها"(62).وتاجرت مدن المغرب الأقصى كسجلماسة وفاس مع إفريقية(63)، وحمل من مدينة البصرة (إحدى المراكز التجارية ني المغرب الأقصى) القطكن إلى إفريقية(64). والملاحظ أن مدن منطقة إفريقية قد ساهمت من جانبها بحركة النشاط التجاري الداخلي
(1/6554)





الواسع بشكل واضح ، حيث حملت غلاتها ومنتجاتها إلى المدن المغربية المختلفة(65).

(57) ن . م ، ص75
(58)ن .م ،ص78
(59)ن .م ،صص85
(60)) ن . م ، ص73-75-78-85.
(61)ن .م ،صص 83.
(62)ن .م ،صص 92.
(63)ن .م ،صص 78-79-97.
(64) ن . م ، صص81.
(61)ن .م ،صص 72-77-84.

لم يكن النشاط التجاري الداخلي لمغرب القرن 4ه /10م بريا فقط ، بل كان بحريا أيضا. فقد استخدم الطريق البحري في الفعاليات التجارية بين مدن المغرب ، وكانت المدن الساحلية المغربية المحطات التجارية النشطة فيه . ويبدو أن ميناء طرابلس كان المحطة التجارية
(1/6555)





الأهم التي تحط بها المراكب ليلا ونهار" وهى تحمل ضروب الأمتعة من المغرب (66). كما استخدم أهل مدينة البصرة الطريق البحري لنقل منتجاتهم إلى إفريقية وفي مقدمتها القطن (67). وبالرغم من أن ابن حوقل لم يشر صراحة إلى نشاط كل مند المغرب الساحلية في التجارة البحرية الداخلية، إلا أن واقع الحال يشير إلى قيام أغلب هذه المدن بممارسة مثل هذا النشاط لارتباطها بالبحر.
على أن أهم الفعاليات البحرية في التجارة الداخلية التي مارستها موانئ المغرب في القرن ،4ه /10م كانت مع الأندلس ، التي عدت جزءا من إقليم المغرب أيام
(1/6556)





ابن حوقل . فمن المغرب حملت "التجارة والجهاز" إلى الأندلس (68)، ومن الأخيرة قدمت المراكب بالسلع والبضائع إلى مراسي المغرب .
والملاحظ أن معظم مراسي المغرب الواقعة على البحر المتوسط كانت محطات للمراكب القادمة من الأندلس والذاهبة إليها. إذ تقصد طبرقة "من أوائل مراسي الأندلسيين "(69). وذلك لكثرة ورود مراكب التجارة الأندلسيين وتجار"تهم إليها في القرن 4هـ /10م. وكانت تنس فرضة لمراكب الأندلسيين يقصدونها بمتاجرهم(70)، كما كانت وهران مركز استقبال وتصدير السلع والغلال إلى الأندلس (71).
(1/6557)





ب بالتجارة الخارجية :
كان الإنتاج الوفير والفائض عن الحاجة من المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية والمعدنية وغير المعدنية، ومن السلع المصنعة، أول واهم أسباب النشاط التجاري

(66)ن . م ، ص 72.
(67)ن . م ، ص 82.
(68)ن .م ،ص 106.
(69)ن .م ،ص 76.
(70)ن .م ،ص 78.
(71)ن .م ،ص 79.

الخارجي للمغرب في القرن 4ه/10م ، وسهل الأمر شبكة الطرق البرية والبحرية التي مكنت أهله من ممارسة فعالياتهم التجارية مع الأقطار الخارجية بحرا وبرا في آن واحد.
(1/6558)





تاجر المغرب مع أقاليم الشرق ومصر، ومع أقطار حوض البحر المتوسط ، كما غل نشاطه التجاري الخارجي المناطق الواقعة إلى جنوبه في بلاد السودان . فالتجارة البرية الخارجية كانت باتجاه مصر وأقاليم الشرق . وفي هذا يقول ابن حوقل وهو يتكلم عن برقة بأنها المحطة التجارية الأولى التي تستقبل صادرات المشرق ، والمحطة التجارية الأخيرة التي ترسل واردات المغرب إلى المشرق (72). وقد سجل لنا ابن حوقل قائمة ليست بالكبيرة ولكنها دقيقة وشاملة بصادرات المغرب إلى المشرق (73)، ولكنه مع الأسف لم يسجل مثل هذه القائمة فيما يخص
(1/6559)





واردات المغرب من المشرق .
كانت مصر إحدى الجهات المهمة التي شملها نشاط أهل المغرب التجاري لقربها منهم ، ويبدو أن القيروان كانت محطة انطلاق القوافل التجارية إلى مصر، واستقبال القادمة منها(74). وكان ذلك يتم عبر الطريق البري المار ببرقة، ومرة أخرى يشير ابن حوقل إلى بعض المنتجات والسلع التي حملت من المغرب إلى مصر(75)، من دون أن يذكر ما كان يحمل منها إلى المغرب .
ومن المناطق التي تاجر معها المغرب في القرن 4ه /10م بلاد السودان ، الواقعة جنوبا ويسميها ابن حوقل "بلد السودان "(76)، أو "بلاد الزنج "(77)،
(1/6560)





والتي تفصلها عن المغرب صحاري ومفاوز عظيمة ولكنها تظل من قبل القوافل ا لتجارية( 78) كان الذهاب إلى بلاد السودان من محطات معلومة في المغرب ، إذ استخدمت في القرن 4ه/10م محطتان تجاريتان رئيسيتان لانطلاق واستقبال تجارة السودان

(72)انظر : ن . م ، ص 69.
(73)ن . م ، ص 95.
(74)ن .م ،صص 94.
(75)ن .م ،ص 69-73.
(76) ز. م ، ص 99.
(77)ن .م ،ص 65.
(78)ن .م ،ص 65.

إحداهما في إفريقية وهى اجدابية مركز "القوافل الصادرة والو"ردة من بلاد السودان "(79). أما الثانية فكانت مدينة سجلماسة الواقعة في المغرب الأقصى،
(1/6561)





والتي احتلت مكانة متميزة في تجارة المغرب مع السودان في ق 4ه/10م "فتجارتها غير منقطعة منها إلى السودان ، وسائر البلدان ، وأرباح متوافرة ورفاق متقاطرة . . ."(80) واعتاد التجار على التجمع فيها من جهات المغرب ومن خارجه للخروج إلى بلاد السودان لجلب التبر، عبر الطريق الصحراوي الذي يربط سجلماسة بالسودان (81).
نالت التجارة البحرية الخارجية المغربية ونشاطها اهتماما واضحا من ابن حوقل في القرن 4ه/10م. ففي كتابه صورة الأرض نجد وصفا تفصيليا لمراسي بلاد المغرب سواء الواقعة على ساحل البحر المتوسط أم على البحر
(1/6562)





المتوسط . وقد شمل الوصف التفصيلي طبيعة المراسي والعوامل التي تتحكم في نشاطها التجاري ، إلى جانب إشارات متفرقة عن جهود سكان هذه المراسي في تذليل الصعاب والمعوقات التي تجابه المراكب التي ترسو في موانئهم . وسنسير مع ابن حوقل على سواحل بلاد المغرب لنتعرف على النشاط البحري التجاري الذي مارسته . ولنبدأ شرقا من اجدابية وهى "قريبة من البحر فترد عليها المراكب بالمتاع والجهاز وتصدر عنها بضروب التجارة"(82 ). فهي على ذلك محطة لاستيراد وتصدير السلع عبر البحر. وكانت كذلك سرت التي "ترد المراكب أيضا عليها
(1/6563)





بالمتاع وتصدر عنها بشيء منه كالشب الشرقي فإنه بها غزير كثير والصوف أيضا،)(83 )، وهذا يشير إلى خصوصية سرت في تصدير منتجات مغربية معينة. أما ميناء طرابلس فقد كان ميناء مكشوفا يصعب الرسو فيه لما تواجه السفن من شدة الرياح الدائمة والأمواج ، وفي هذا يقول ابن حوقل . "إذا وردت المراكب ميناءهم عرضت لها دائما الرج البحرية فيشتد الموج لانكشافه وصعب الإرساء، فيبادر أهل البلد بقواربهم ومراسيهم وحبالهم متطوعين

(79) ن . م ، ص 80.
(80)ن .م ،ص 81.
(81)ن .م ،ص 82.
(82)ن .م ،ث 70.
(83) ن . م ،ص.71.
(1/6564)





فيعيد المركب ويرسي به في أسرع وقت بغير كلف لأحد ولا غرامة حبة ولا جزاء مثقال "(84).
وهناك من بين مدن ساحل المغرب من لا توفر مرسى صالح لحركة التجارة. فسفاقس مثلا يوصف مرساها بأنه "ميت المياه ،)(85)، إذ يتعذر على السفن الرسو فيه . كذلك كان ميناء بونه ذات مرمى "غير مأمون "، فلم يكن له مساهمة تذكر في النشاط البحري المغربي(86). ومن المراسي التي لم يتطرق ابن حوقل إلى نشاطها التجاري البحري ، وهي تلك التي تقع بين مدينة بونه ومرسى جزائر بنى مزغناي ، وتمثل مرسى جيحل ومرسى بجاية ومرسى بنى جناد ومرسى
(1/6565)





الدجاج 87 من دون أن يوضح أسباب ذلك ، إلا أن الأمر قد يكون مرتبطا بعدم صلاحية مراسيها للملاحة البحرية.
ومن مراس المغرب التي كانت تعج بالنشاط التجاري البحري في القرن 4ه/10م ، مرسى مدينة المهدية الواقعة على البحر مباشر وهي "فرضة لما والاها من البلاد"(88)، كذلك كان مرسى طبرقة ومرسى تنى محطة لإقلاع واستقبال المراكب المحملة بالتجارة(89). وللمرسى الأخير طبيعة خاصة وفرته له الحماية من الرياح ، حيث أنه يقع على خور يمتد لمجيلين -عن البحر باتجاه الداخل (90).
(1/6566)





ومن المراس المتميزة في ساحل المغرب التي ساهمت في التجارة البحرية مرسى وهران الذي كان "في غاية السلامة والصون من كل ريح وما أظن له مثلا في نواحي البربر سوى مرسى موسى، فقد كنفته الجبال وله مدخل آمن )،(91). فالجبال التي تحيط بمرسى وهران وفرته حماية طبيعية للمراكب من الرياح الدائمة، التي كانت تعاني منها كل مراسي ساحل المغرب المطل على البحر المتوسط .

(84) ن . م ، ص72
(85) ن . بم ، ص 73
(86)ن .م ،ص 77.
(87)ن .م ،ص 77.
(88)ن .م ،ص 73.
(89) ن . م ، صص73-78.
(90) ن . م ، ص78
(91)ن .م ،ص 79.
(1/6567)





كما أن هناك بعض المدن الساحلية المغربية التي استخدمت الجزر القريبة منها كمراسي أرجكوك ومرسى مدينة نكور الذي يقع "في بطن جزيرة تعرف بالزمة،،(92). أما آخر المراسي المغربية التي تقع على اسحل البحر المتوسط ، فهو ميناء سبتة الواقعة على نحر البحر والذي وصف بأنه مرسى "قريب الأمر)،(93) ولعل ابن حوقل يريد بذلك بأنه واقع على البحر مباشرة. وضمن حدود سبتة نجد مرسى مشهور وهو مرسى موسى الذي كان بمثابة مرسى وهران من حيث أمنه وسلامة الرسو فيه (94).
(1/6568)





ومن الجانب الآخر للمغرب ، فإن أهم مدنه (واقعة على المحيط الأطلسي التي ساهمت في التجارة البحرية الخارجية في القرن 4ه/10م ولو بشكل أضيق ، نجد مرسى "بحيرة أريغ " - الواقعة على ساحل البحر المحيط التي استخدمت لرسو المراكب القادمة من الأندلس لتحمل غلات تلك النواحي . كما استخدم هذا المرسى تجار مدينة البصرة (في المغرب الأقصى) لتسيير سفنهم في مياه المحيط ومن ثم إلى البحر الغربي (المتوسط )/ثم مواصلة السير حيث شاءوا(95).
(1/6569)





أما الاتجاهات التي سارت إليها المراكب من مراسي المغرب وإليها، فأكثرها الأندلس و"بلد الروم" 96 والبلد الأخير، على الرغم من أن ابن حوقل يؤكد أن المراكب كانت تقدم ضنه إلى المغرب ، لكنه لم يحدد أيا من بلاد الروم مارس المغاربة معها نشاطهم التجاري البحري . أما أهل! المراسي التي استخدمت في هذا النشاط فهي مرسى طرابلس ومرسى طبرقة، اللتان كانتا محطتين لحط المراكب التجارية القادمة من "بلد الروم )،(97).
وهكذا قدم لنا ابن حوقل من وصفه لمراس مدن المغرب الواقعة على البحر صورة دقيقة لنشاطاتها التجارية البحرية،
(1/6570)





معتمدا في ذلك على ما شاهده بعينه وما خبره من أهل تلك البلاد.
(92) ن . م ، ص 79.
(93) ن . م ، صص 79.
(94) ن . م ، صص 79.
(95) ن . م ، صص 80.
(96) ن . م ، ص 79.ومن الجدير بالذكر أننا فصلنا تجارة الأندلس في موضوع التجارة الداخلية البحرية.
(97) ن . م ، صص 72-76.

د - الطرق التجارية ومحطاتها
كانت الطرق التجارية في المغرب خلال القرن ،4ه/10م ، على اختلاف أنواعها، ممهدة ومحطاتها متقاربة، وسارت هذه الطرق مع مراكز الإنتاج ومراكز الاستهلاك . وكانت هذه الطرق برية وبحرية - داخلية وخارجية .
(1/6571)





أ - الطرق الداخلية .
فالطرق البرية المستخدمة في الفعاليات التجارية هى ساحلية وداخلية . أما الطريق الساحلي، فهو كما رسمه ابن حوقل يقطع السهل الساحل المغربي ابتداء ا من برقة إلى البحر المحيط (الأطلس )، ويسميه باسم "طريق الجادة)،(98)، وهى تسمية استخدمها البيزنطيون لهذا الطريق فظلت شائعة فيما بعد(99).
كانت برقة أول محطة تجارية على "طريق الجادة" ينزلها القادم من مصر متجها إلى إفريقيا(100). وكان هذا الطريق يجتاز عدة مدن ساحلية قبل أن يصل مناطق القيروان ، ومن بينها مدينة اجدابية ثم طرابلس الواقعة على
(1/6572)





ساحل البحر، كما كان يمر على صبرة الواقعة على بعد يوم بعد طرابلس ، وهي مركز لجباية الضرائب (101).
ومن المحطات التجارية (الواقعة على "طريق الجادة،) مدينة قابس الساحلية التي تقع على "بعد ست مراحل من جهة القيروان "(02ا). ومن قابس يسير الطريق إلى سفاقس - مركز إنتاج الزيت والزيتون في المغرب (103)، ومنها إلى المهدية الواقعة على نحر البحر -وتعرف بنشاطها التجاري في القرن 4ه/10م . (04ا). وبين المهدية
(98) ن . م ، ص . و+.
(1/6573)





(99) بما يشار إليه في هذا المجال أن ابن عبد الحكيم يسميه باسم الطريق الأعظم " على حين يسميه البكري وابن أد زرع "الجادة،) فقط أنظر : عبد الرص ظ بن عبد الله بن عبد الحكم ، فتوح إفريقية والأندلس ، تحقيق عبد الله أنيس الطباغ (بيروت ،1964)، ص 14. أبو عبيد البكري ، المغرب في ذكر إفريقية والمغرب ، (الجزائر، رلأ؟ا)، ص . 15 ؟ على بن عبد الله ابن أد زرع ، الأنيس المطرب بروض القرطاس ، تحقيق كارل تدور بنورغ أو بسالة، 1843 ص . 6.

(100) ابن حوقل ، ن . م.ص 69.
(101) ن . م ، ص .71.
(102) ن . م ، ص .72.
(1/6574)





(103) ن . م ، ص . 73.
(104) ن . م ، ص .73.
والجزيرة تقع مدينة سوسة "أحد فرض البحر)، التي يقدم عليها التجار لتنوع غلاتها(105)، ويصل إلى مدينة تونس - مركز إنتاج القطن وتصديره (106). ويسير طريق ،(الجادة" من تونس إلى طبرقة، وفي هذا "يقول ابن حوقل ،) من أراد طبرقة من تونس على ،(الجادة" اجتاز على مدينة باجة الكثيرة، الغلات والزروع ما ليس بجميع المغرب ، كثيرة التجارة وافرة الأرباح (107). ثم يجتاز هذا الطريق بعد مرحلة مرسى الخرز الشهير بمعدن المرجان ذات الجودة العالية، ولذا أصبح محطة تجارة مهمة مع قلة
(1/6575)





زروعه وغلاته ، وعد من مراكز الاستهلاك في المغرب حيث جلبت إليه الأقوات والفواكه من المناطق المجاورة(109). أما المدن الأخرى الواقعة على طريق الساحل فبونه وجزائر بنى مزغناي زلغى ووهران وواسن وأجكوك ونكور(110). وكانت هذه المدن الساحلية محطات نشطة للتجارة البحرية، وارتبطت فعالياتها التجارية مع المناطق الداخلية أيضا، حيث نقلت منتجاتها الزراعية والحيوانية والمعدنية الوفيرة إلى الداخل عبر طرق فرعية(111). وكانت آخر المحطات )التجارية في الطريق الساحلي سبتة وطنجة. واشتهرت الأولى بإنتاج المرجان والثانية
(1/6576)





بإنتاج الحنطة والشعير عماد تجارتها وترائها(112). ومن ساحل سبتة وطنجة ينعطف الطريق إلى مناطق المغرب الأقصى الساحلية والداخلية . أما الطريق البري الثاني الذي كان مستخدما في الفعاليات التجارية المغربية في القرن 4ه/10م، فهو الطريق الداخلي "الذي يجتاز مناطق المغرب الداخلية الواقعة بين المنطقة الساحلية وبين البراري والمفاوز (الصحراء) التي تفصل المغرب عن بلاد السودان . وهذه المناطق - كما يقول ابن حوتل - تبدأ "من إفريقية إلى آخر أعمال
(105) ن . م ، ص 74-5.
(106) ن . م ، ص 75.
(107)ن .م ،ص 76.
(1/6577)





(108) ن . م ، ص 76.
(109) ن. م ، ص 76-7.
(110) ن . م ، ص 77-79.
(111)ن .م ،ص 77-8
(112) ن . م ، ص 79-80.
طنجة عن مرحلة أو عشر مراحل .. . فبلاد مسكونة ومدن متصلة الرساتيق والمزارع والضياع والمياه . . . ،،(113).
والطريق البري الداخلي عبارة عن شبكة.من الطرق التي تربط بين المراكز والأسواق التجارية المغربية. وفي هذه الشبكة نجد طرقا رئيسية ذات اتجاهات عامة وأخرى فرعية. فالطرق البرية الرئيسية تربط شرق المغرب بغربه ، وتبدأ من إفريقية وتنتهي بأقصى المغرب ، وهى طريقان :
(1/6578)





ا - الطريق البري الأول ، بجل أ من القيروان ، وهو بثلاثة فروع تلتقي عند المسيلة (في الزاب )، حيث تعد مركز التقاء الطرق البرية الداخلية، فالفرع الأول ، يتوسط الفرعين الآخرين ، ويبدأ من القيروان باتجاه مدينة تاهرت غربا، وينتهي عند فاس . يمر هذا الطريق على مناطق الإنتاج الزراعي والحيواني وعلى مناطق الثروة المعدنية (في هضاب تل الأطلس ). أما أهم المدن والقرن التي يمر بها فهي سبيبة التي يغلب على غلاتها الكمون والكرويا والكتان 114)، ومدينة مجانه الكثيرة الزعفران ، وكونها مركزا لإنتاج الحديد
(1/6579)





والفضة(115). ولا ينسى ابن حوقل أن يذكر المسافر عبر هذا الخط ببعض الطرق الفرعية التي تتفرع منه . فمن مجانه طريق يسير باتجاه الشمال إلى مدينة تجيس مارا بعدد من القرى، هذا مع العلم أن تجيس ترتبط بالفرع الثاني من طريق القيروان – مسيلة116). ومن مجانة يستمر الطريق العام بالسير إلى باغاي التي تقع على أطراف جبل أوراس (يبعد عنها خمسة أميال جنوبا)، وهناك طريق فرعى يصل بين هذا الجبل وباغاي (117). ويبدو أن الأخيرة كانت مركز" لالتقاء عدة طرق فرعية حيث هناك طريق يربطها بطبنة عبر بلزمة ومن ثم يصل إلى مدينة
(1/6580)





بونة الساحلية(118)، وهذا يعنى ارتباط الطريق الداخلي الرئيس بالساحل بطرق فرعية. يسير الطريق العام من باغاي إلى طبنة مارا بدار علول ، ومدينة طبنة كانت مركزا كبيرا لإنتاج مجموعة من الغلات منها القطن والحنطة والشعير والكتان ، كما أنها
(113) ن . م ، ص 83.
(114) ن . م ، ص 84.
(115)ن .م ،ص 84.
(116) ن . م ، ص 84.
(117) ن. م ، ص 85.
(118) ن . م ، ص 85 يرتبط بطريق باغاي بونه طريق مجانه تجيس الصنا.

وافرة الثروة الحيوانية(119)، وهذا يدل على أن الطريق البري الرئيس يسير حيث مراكز الإنتاج الوافر في المغرب .
(1/6581)





وقبل أن ينتهي هذا الطريق إلى مسيلة يمر على مقره منزل فيه مرصد (ويقصد مركز لأخذ الضرائب )(120). أما المسيلة فهي مدينة كثيرة الخيرات وافرة الغلال منها القطن والحنطة والشعير كثيرة المواشي من الدواب والأنعام والبقر، وهى مركز مهم للإنتاج الزراعي والحيواني أيضا(121).
ومن المسيلة يسير الطريق البري الرئيسي مارا بعدد من القرى والمدن الصغيرة إلى أن يصل إلى تاهرت المركز التجاري المهم "حيث معادن الدواب والماشية والغنم والبغال والبراذين الفراهية، ويكثر عندهم العسل والسمن وضروب الغلال ،،(122). ومن الملاحظ أن
(1/6582)





ابن حوقل لا يكمل وصف هذا الطريق من تاهرت إلى فاس ، بل إنه يتوقف ليصف لنا الفرع الثاني الذي يربط القيروان بالمسيلة. يمر الفرع الثاني (وهو الفرع الشمالي ) من الطريق البري العام الذي يربط القيروان بالمسيلة عبر بلاد كتامة والأربس (أطلس التل )، حيث العديد من القرى التي تحف بها البساتين ومزارع الحنطة والشعير(123) أما أهم منتجات منطقة الأربس فهي الزعفران ، بالإضافة إلى ما تنتجه من غلات وثمار وفواكه (124). يسير هذا الطريق مارا بتجيس ومنها إلى قرى جمدة تنتج القمح والشعير أيضا حتى يصل إلى المسيلة(125).
(1/6583)





أما الفرع الثالث (وهو الفرع الجنوبي) الذي يربط القيروان بالمسيلة فيمر على المناطق الواقعة جنوب جبل أوراس - وهي مناطق الواحات والجريد، ويربط هذا الطريق المسيلة بطبنة ثم تهوذا وبادلر (الواقعتان على ضفاف جبل إدراس الغربية، وهما

(119) ن . م ، ص 85
(120)ن .م ،ص 85
(121)ن .م ،ص 85
(122) ن . م ، ص 76
(123)ن .م ،ص 87
(124)ن .م ،ص 87
(125) ن . م ، ص 87

من مدن مناطق الزاب )(126)، ومنها إلى المدن الواقعة جنوب الأوراس تامديت ومدالة ثم نفطة وقسطيلية وينتهي بقفصة الواقعة جنوب القيروان (127). بعد أن تلتقي
(1/6584)





الفروع الثلاث ، من الطريق البري الخارج من القيروان ، عند المسيلة يسير الطريق باتجاه الغرب حيث ينتهي في فاس ، مركز التقاء الطرق التجارية البرية الداخلية في أقصى المغرب . والملاحظ أن ابن حوقل يصف هذا الطريق مقلوبا، مبتدئا من فاس ومنتهيا بالمسيلة، والسبب كما يقول "لأني سلكته من المغرب إلى إفريقية"(128). والواضح أن الطريق يسير بعد فاس في منطقة سهول تتخللها الأنهار (الوديان ) وhلقرى المتصلة ذات المزارع والبساتين الكبيرة والشيء العظيم من الثروة الحيوانية(129). ومن هذه الوديان غالته وإيناون وملوية
(1/6585)





وصاع التي تصب في البحر. والطريق في هذا الجزء من المغرب يسير بموازاة البحر وليس بعيدا عنه فهو يمر بجرارة أبي العيش (التي تقع على بعد ، أميال من البحر) ونتمان (تلمسان ). وعموما نجد أن وفرة المياه في هذه المنطقة جعلها كثيرة الفواكه والكروم والزرع (130).
يسير هذا الطريق إلى أفكان ومنها يتفرع إلى فرعين ، أحدهما يسير باتجاه الشرق إلى تاهرت الواقعة على بعد 3 مراحل من أفكان (131). ومن تاهرت يرتبط بالطريق المؤدي إلى المسيلة. أما الفرع الثاني فيسير من أفكان بموازاة البحر إلى مدن شلف وغنزه وتنس والخضراء.
(1/6586)





ومرة أخرى يسير الطريق البري في منطقة ذات إنتاج زراعي وفير (بخاصية من التين والسفرجل ) يغذيها نهر شلف (132). ومن الخضراء ينحرف الطريق باتجاه جنوبي شرقي إلى مليانة التي تستقي نجم شلف أيضا، ثم يمر الطريق على عدة قرى إلى أن يصل إلى مدينة أشير التي تقع على بعد 3 مراحل من

(126) المقدسي ، المصدر السابق ، ص 20.
(127) ابن حوقل ، ن . م ، ص . 6،. وجبل الأطلس هو من مناطق الأطلس الصحراوي في المغرب . يرى الجوهري ، لشمال إفريقيا : دراسة في الجغرافية التاريخية والإقليمية، منشأة المعارف، الإسكندرية،1976 )، ص
(1/6587)





286.
(128) ن . م ، ص 89
(129) ن . م ، ص 88
(130) ن . م ، ص 88
(131) ن . م ، ص 88
(132) ن .م ،ص 89

المسيلة(133). ومن هناك يرتبط بالطرق الثلاثة المتفرعة من المسيلة والمؤدية إلى القيروان وإفريقية عموما134
ب - أما الطريق البري الرئيسي الثاني الذي يربط إفريقيا بأقصى المغرب ، فيسير في مناطق الواحات المغربية وبلاد الجريد التي أصبحت حلقة اتصال بين أجزاء المغرب المختلفة وسارت عبرها القوافل التجارية. يصف ابن حوقل هذا الطريق ابتداء من سجلماسة ذاكرا أهم المراكز التجارية التي يمر بها وهى على التوالي سماطه
(1/6588)





من أرض نفزاوة، ونفطة ثم قسطيلية. وأهم ما يميز هذه المدن هي كثرة نخيلها وإنتاجها الواسع من التمور، فقسطيلية مثلا كانت (غنية بتمورها)
(135 ). ولكن هذه المدينة كغيرها من مدن الجريد تفتقر إلى القمح والشعير الذي يجلب إليها من المناطق المغربية الأخرى. ولقد كانت قسطيلية سوقا تجاريا مهما لكثرة الصادر والوارد من التجارات . كما كانت مركزا صناعيا لإنتاج بعض المنسوجات الصوفية من الصوف المتوفر فيها بكثرة، ومن منتجاتها الشقة والكسي والحنبل (136). وتحمل هذه المنتجات منها إلى جميع الأقطار(137). ومن المدن التي
(1/6589)





يمر بها طريق الجريد التجاري مدينة قفصة - وهي منطقة نخيل . ويذكر ابن حوقل بعد هذه المدينة عدة مدن قليلة الخيرات بسبب وضعها السياسي وسيطرة ابي زيد مقلد بن كيداد الأباضي عليها(138). يستمر هذا الطريق حتى ينتهي بالقيروان . وتقدر المسافة التي تقطعها القوافل بين سجلماسة والقيروان - عبر أرض نفزاوة (الجريد) ونواحي قسطيلية - بشهرين (139).
أما المجموعة الثانية من الطرق البرية الداخلية، فهي الطرق الفرعية التي تربط مدن منطقة واجدة، وهو ما نجده في إفريقية والمغرب الأقصى . ففي إفريقيا تظهر كثافة
(1/6590)





(133) ن . م ، ص 89
(134) ظل هدا الطريق مستعملا بعد القرن 4هـ /10م ي النشاطات التجارية المغربية الكبرى ط 14-6.
(135) ن . م ، ص 92.
(136) الكي : لماس مغربي على هيئة معطف. أما الحنبل فهو لوث من زينة الراس العصابة تستخدمه النساء. انظر : رينهارت دوزي ، المعجم المفصل بأسماء المجهر عند العرب ، ترجمة الدكتور اكرم فاضل (دار الحرية للطباعة، بغداد، 1971) صص 308-312. ص 105
(137) ابن حوقل، ن . م ، ص 92
(138) ن . م ، ص 92.
(139) ن . م ، ص 91.
(1/6591)





الطرق الفرعية عند القيروان ، حيث ترتبط الأخيرة مع قابس بطريق ، ومع طرابلس بثانية(140) ومع تونس وجزيرة بنى مزغناي بثالثة(141) كما نجد أن المدن الساحلية المغربية المطلة على البحر المتوسط ترتبط بطرق فرعية مع مدن الداخل ، وعبر هذه الطرق تنقل السلع والتجارات بين الداخل والخارج وبالعكس ، كما يتم عبر الطرق الفرعية حمل الفائض من إنتاج المدن إلى المدن المحتاجة إليه أو التي لا يتوفر فيها(142).
وفي المغرب الأقصى نجد أن الاتصال بين الساحل والداخل عبر الطرق الفرعية التي تربط مدن المنطقة. فمدينة البصرة ترتبط
(1/6592)





بمدينة تشمس - الواقعة على المحيط الأطلس - بطريق طوله دون المرحلة(143). كما أن البصرة ترتبط بمدينة الأقلام بطريق فرعي طوله أقل من مرحلة أيضا باتجاه الساحل (144). وتتصل مدينة أغمات - المركز التجاري المهم في أقصى المغرب - بساحل المحيط الأطلس عبر طرق فرعية تربطها بمناطق السوس الأقصى(145).
ومن الطرق البرية الداخلية الفرعية التي نجدها في مناطق المغرب الأقصى، تلك التي تربط بين المراكز التجارية المهمة كفاس وسجلماسة وأغمات . فهناك طريق يربط فاس بسجلماسة بطول ثلاث عشر مراحل ، وعلى يسار هذا الطريق إقليم
(1/6593)





أغمات - وهو رستاق عظيم فيه مدينة كثيرة الخير والتجارة إلى سجلماسة وغيرها(146). وأغمات ترتبط بطرق تجارية مع سجلماسة وفاس وغيرها من مدن المغرب الأقصى(147). كما ترتبط أغمات بطريق تجاري مع المنطقة الواقعة إلى جنوبها الغربي باتجاه البحر المحيط وهى السوس الأقصى - البلد الكثير الخير الذي تجتمع فيه

(140) ن . م ، ص 71
(141)ن .م ،ص 75-78
(142)ن .م ،ص 71-78
(143) ن . م ، ص 80
(144)ن .م ،ص 81
(145)ن .م ،ص 90
(146) ن . م ، ص 90
(147) ن . م ، ص 90
(1/6594)





من المنتجات الزراعية ما لا تجتمع لغيره من مناطق المغرب ، كما يقول ابن حوقل (148)، وهو يرتبط بسجلماسة أيضا. والطرق البرية الفرعية في مغرب القرن 4ه/10م كثيرة ومتنوعة منها طرق جبلية تربط المراكز الواقعة على سفوح الجبال ، ومنها طريق إلى مدينة كرت الواقعة على سفح جبل في إقليم طنجة(149) وهناك طريق آخر إلى مدينة الحجر – الكثيرة الخير"ت التي استخدمها الأدارسة حصنا منيعا لأملاكهم (150). ومنها طرق تربط مدن المنطقة الواقعة في حافات الصحراء الشمالية، فهناك طريق فرعى صحراوي يربط أو جلة بمناطق ودان – وهو
(1/6595)





طريق "قصد في الرمال " يؤدي إلى ناحية ومدينة ودان الواقعة جنوب مدينة سرت التابعة لها، وهي منطقة تمتاز بكثرة وجودة تمورها(151).
أما عن الطرق النهرية، فلم نعتر إلا على إشارة واحدة تذكر أن أهل مدينة البصرة في المغرب الأقصى يستخدمون مياه النهر في تسيير مراكبهم ليصلوا بها إلى المحيط الأطلسي(152). وربما استخدمت مدن مغربية أخرى الوديان التي تجري عبرها كطرق داخلية تجارية . وعموما فإن استخدام الطرق النهرية في المغرب لابد أن يكون قليلا بسبب طبيعة . أنهارها غير الصالحة للملاحة(153).
ب - الطرق الخارجية :
(1/6596)





تربط الطرق البرية الخارجية المغرب بالمناطق المجاورة له عموما. فهناك طريق بري يربط المغرب بمصر. وأول مرحلة في هذا الطريق كانت مدينة برقة التي ينزلها المسافر القادم من مصر(154). ويسير الطريق مع "طريق الجادة"، إلى أن يصل إلى
(148) ن . م ، ص 90
(149) ن . م ، ص 81
(150) ن . م ، ص 81-2
(151) ن . م ، ص 70
(152) ن . م ، ص 80
(153) عز الدين مولى، النشاط الاقتصادي في المغرب خلال القرن السادس البحري (دار الشروق ، بيروت ط 1 ، 1983 ) ص 216.
(154) ن . م ، ص 69
(1/6597)





قابس ومنها يعرج إلى القيروان عبر طريق فرعى(155) - حيث كثافة الطرق البرية فيم لا. ومن القيروان يستطيع المسافر أن يختار أي طريق يخرج منها إلى مختلف الاتجاهات في المغرب . ومن الطرق البرية الخارجية التجارية التي نجدها في مغرب القرن 4ه/10م هي طرق القوافل التجارة الصحراوية التي تربط المغرب ببلاد السودان عبر الصحراء. وقد وجه ابن حوقل، اهتماما واضحا لهذه المسالك ونشاطاتها، التي بلغت أوجها في أيامه . إذ يبدأ بوصف عام لها حيث يقول . "بين المغرب والبلدان التي قدمت ذكرها وبلد السودان مغاور وبراري منقطعة
(1/6598)





قليلة المياه متعذرة المراعى، لا تسلك إلا في الشتاء، وسالكها في حينه متصل السفر دائم الورود والصدور"(156).
هناك طريقان صحراويان تقطعهم تجارة المغرب إلى بلاد السودان في القرن 4ه/10م الأول يربط مناطق برقة بالسودان . يبدأ هذا الطريق من مدينة أجدابية باتجاه صحراء فزان جنوبا ويمر بزويلة (المحطة التجارية المهمة في صحراء فزان )، ومنها إلى أرض زغاوة (في السودان الأوسط )،وتقدر المسافة بين فزان وزغاوة بمسيرة شهرين (157). وهناك فرع ثان لهذا الطريق يسير من فزان باتجاه جنوبي غربي إلى مرندة، ثم كوكو وبعدها
(1/6599)





يصل إلى غانة (في السودان الغربي )(158). وبذلك نستطيع أن نقول إن مناطق برقة ترتبط بالسودان الأوسط والغربي (إفريقيا الغربية) بطرق تجارية صحراوية تسير عبر فزان .
أما الطريق الثاني الذي يربط المغرب ببلاد السودان ، والذي نال اهتمام ابن حوقل كثيرا، بسبب نشاطه المتميز في القرن 4ه/10م ، فهو الطريق الذي يبدأ من سجلماسة (المركز التجاري المهم في المغرب الأقصى) وينتهي بأودغست وغانه - في السودان الغربي . ومما يجدر ذكره ، أن سبب نشاط هذا الطريق الصحراوي في تجارة المغرب الخارجية، إنما يعود إلى التحول الذي
(1/6600)





أصاب طرق التجارية البرية الصحراوية في

(155) ن . م ، ص 72
(156) ن . م ، ص 100
(157) ن . م ، ص 91
(158) ن . م ، ص 90

القرن 4ه/10م . وفي هذا يسجل ابن حوقل معلومة مهمة وفريدة، وهي اندثار الطريق الذي يربط بين مصر بغانة عبر الصحراء والرمال ، والذي كان معروفا ومستخدما من المشتغلين بتجارة السودان قبل القرن 4ه/10م. وأسباب اندثار هذا الطريق يعود إلى كثرة الرياح التي صادفتها القوافل التجارية والتي أهلكت الكثير منها، يضاف إلى ذلك الهجمات التي تعرضت لها القوافل السالكة لهذا الطريق وقضت على الكثير منها، من
(1/6601)





قبل من يسميهم ابن حوقل "العدو)(159). أكثر الظن أنه يقصد قطاع الطرق أعداء القوافل التجارية الصحراوية. ولذا بطل استخدام هذا الطريق ، وتوجه التجار عبر المغرب إلى سجلماسة، ومنها قطعوا الطريق الصحراوي (عبر الصحراء المغربية) إلى أودخسست ، وغيرها من مراكز التجارة السودانية(160). وبتحول تجارة الصحراء إلى القسم الغربي من بلاد المغرب أصبحت سجلماسة أكثر من أي وقت اخر- مركزا تجاريا مهما لاستقبال وتوديع القوافل التجارية الصحراوية(161). وعلى ذلك عجت هذه المدينة بالتجار المغاربة وغير المغاربة، الذين قدموا
(1/6602)





إليها من مختلف الأماكن ، يقيمون فيها إقامات دائمة أو مؤقتة مستخدمين المسالك الصحراوية المؤدية إلى أودغست وبقية مدن السودان الغربي (162).
يصف ابن حوقل باهتمام ودقة الطريق الصحراوي الغربي الذي ينتهي بأودغست ويمثله بشكل مثلث رأسه في مدينة أودغست ، وأقصر أضلاعه بين السوس وأدوغست ، والضلع الأطول هو الممتد بين سجلماسة وأودغست حيث يقدر بمسير شهرين (163). ومن أودغست يسير هذا الطريق التجاري إلى غانة ومن ثم إلى مراكز الإنتاج السودانية (مثل كوغة وسامة وكزم وكوكو)(164). وتنال أودغست اهتمام ابن
(1/6603)





(159) ن . م ، ص 65.
(160) ن . م ، ص 65.
(161) ترتبط سجلماسة بطرق تجارية برية فرعية مع مدن المغرب الأقصى بالإضافة إلى. ارتباطها بالطريق العام المؤدي إلى إفريقية، وهدا ما راد في أهميتها ونشاطها التجاري.
(162) ابن حوقل ن . م ، ص 65.
(163) ن . م ، ص 91.
(164) ن . م ، ص 91.

حوقل ، ويبدو أن الوصف الذي قدمه عنها - وبخاصة عن نشاطها في ميدان التجارة - أشمل وأدق الأوصاف قاطبة(165). ولا ينسى ابن حوقل أن يذكر التجار بمنجم الملح الواقعة في الطريق الصحراوي المؤدي إلى أوغست ، وهو منجم "أوليل " - الواقعة على
(1/6604)





ضفة المحيط الأطلس (166). وما يذكره يعد من أقدم الإشارات التي تصلنا عن الملح وتجارته . كما يصف ابن حوقل القبائل التي تسكن الصحراء ويمر عبرها الطريق التجاري بين سجلماسة وأودغعت ، وهى قبائل صنهاجة- المسيطرة على الطريق بما لديها من معرفة وخبرة بأوضاع الصحراء وطريقها، وبما تقدمه من خدمات الإرشاد للمسافرين ، وبما تجنيه من ضرائب فرضتها على التجار المارين عبر ديارها في ذهابهم وإيابهم (167). ولعل اهتمام ودقة ابن حوقل في وصف المسالك التجارية الصحراوية التي تربط المغرب بالسودان ، إنما تعود لأن تلك المسالك
(1/6605)





قد استخدمها تجار التبر (الذهب )، وأن محطاتها كانت مراكز أساسية لهذه التجارة في القرن 4ه/10م .
أما الطرق البحرية المستخدمة في النشاط التجاري الخارجي لبلاد المغرب في القرن 4ه/10م ، فهي الطرق التي تنطلق من وإلى مدن سواحل المغرب . وقد سبق أن تطرقنا إلى أهم الموانئ والمراسي المغربية التي مارست الأنشطة التجارية، أثناء وصفنا التجارة الداخلية، لأن الكثير من نشاطات المغرب البحرية كانت مع الأندلس التي هي جزء من المغرب في القرن 4ه/10م، والقليل منها مع بقية دول البحر المتوسط الإفرنجية.
(1/6606)





4 - الصادرات والواردات
انعكس وضع الطرق التجارية داخلية كانت أم خارجية، برية منها أو بحرية من حيت كثافتها وتنظيمها، على تسهيل حركة السلع الصادرة والواردة في مغرب القرن 4ه/10م.

(165) ك . ف. يوري ، "المصادر العربية للتاريخ الإفريقي " في كتاب : تجارة القوافل ودورها الحضاري حتى نهاية القرن التاسع عشر، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، معهد البحوث والدراسات العربية بغداد، ،،ر ا ، ص . ، ر ا . (166) ن . م ، ص 91.
(167)ن .م ،صص 98-92
(1/6607)





كما أن غزارة الإنتاج الزراعي والحيواني وتنوعه في مدن المغرب المختلفة أغنى قائمة الصادرات الإقليمية والخارجية للمغرب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shabab-tari5h.all-up.com
المعتمد بن عباد
Admin
المعتمد بن عباد


ذكر الموقع : اندلسى

النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Empty
مُساهمةموضوع: رد: النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل   النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل Emptyالثلاثاء ديسمبر 28, 2010 8:10 pm


يتوفر العرض أو الطلب على البضائع والسلع التجارية(211). كما شارك التجار غير المغاربة في الأنشطة التجارية الخارجية مع بلاد السودان (212) وفي إدارة تجارة الموانئ المغربية، بخاصة الأندلسيين (213).
مارس التجار الاندلسيون نشاطا كثيفا في الموانئ المغربية. ففي طبرق مثلا اشتهرت "بكثرة ورود المراكب بالأندلسيين والتجار عليها ونزولهم فيها". وهى أيضا "عدوة لأهل الأندلس ، إليها ينتهون ومنها إلى الأندلس يركبون "(214). أما تنس "فكانت أكبر المدن التي يتعدى إليها الأندلسيون بمراكبهم ويقصدونها بمتاجرهم وينهضون

(1/6625)




منها إلى ما سواها،)(215). ووهران هي الأخرى كانت "فرضة الأندلس وإليها
(208) ن. م ، ص75
(209) ن. م ، ص 72
(205)ن. م ص 69
(210) انظر : ن. م ، صص 71-75-76-77-78.
(211)ن .م ،صص 70-75-96.
(212) ص 70-72-76
(214)ن .م ،ص 76
(215)ن. م ،ص 78

ترد السلع ومنها تحمل الغلال "(216) كما مارس التجار الأندلسيون نشاطا تجاريا مع الموانئ المغربية المطلة على المحيط الأطلس ، ولكن بصورة أقل مما هو في موانئ البحر المتوسط المغربية . ففي بحيرة إريغ ترسو "المراكب الأندلسية التي تحمل غلاة الناحية،،( 217) . أما التجار غير

(1/6626)




المغاربة "الغرباء"، فكان تواجدهم الدائم أو المؤقت كثيرا في الموانئ التجارية المغربية المهمة في القرن 4ه/10م . ففي برقة - مركز استقبال وتصدير المنتجات والسلع بين المغرب والمشرق - كثر التجار الغرباء "في كل وقت لا ينقط!ع طلابا لما فيها من التجارة، وعابرين عليها مغربين ومشرقين "(218).
ومما يذكر أن الفرص الكافية التي أعطيت للتجار وتوفير الأمن لهم في القرن 4ه/10م جعلهم يستقرون في المراكز التجارية المغربية، منها مدينة سجلماسة التي شهدت استقرارا واسعا للتجار غير المغاربة مع عوائلهم مستثمرين أموالهم في

(1/6627)




التجارة مع بلاد السودان التي درت عليهم أرباحا عظيمة وفوائد جسيمة فعاشوا في نعم "قلما يدانيها التجار في بلاد الإسلام سعة حال "(219). وكان معظم تجار سجلماسة الغرباء من أهل العراق ومن البصرة والكوفة وبغداد(220)، الذين سيطروا بصورة واضحة على التجارة الصحراوية بين سجلماسة وادغست (في السودان ). كما كان التجار الروم يقدمون ببضائعهم إلى موانئ المغرب (221). وفيما يخص الأسواق التجارية في مدن المغرب والتي اكثر ابن حوقل من ذكرها فهي نوعان أسواق ثابتة دائمة نكاد نجدها في كل مدينة، وأخرى أسواق شهرية. وأشار
(1/6628)




ابن حوقل مرة واحدة لها حين ذكر مدينة باشوا (وهي من إقليم الجزيرة قرب سوسة)، حيث كانت أسواقها "تحضر في كل شهر لأيام معلومة"(222).

(216) ن. م ، ص79
(217) ن. م ، ص 82
(218)ن. م ص 69
(219) ن. م ، ص65
(220)ن .م ،ص 65
(221)ن-م صص 72-94
(222)ن .م ،ص 75

أما تنظيم الأسواق فمعرفتنا عنها قليلة، ذلك لأن ابن حوقل يكتفي بإيراد أوصاف عامة للأسواق ، كأن يقول : اسواق سبيبة وسوسة والبصرة حسنة... "(223)، و"أسو"ق مجانة صالحة.. . "(224)، وأسواق قابس عامرة(225).. . وأسواق طرابلس كبيرة(226). . . ".

(1/6629)




كانت أسواق المغرب في القرن 4ه/10م قد نظمت على أساس أن تكون في أرباض المدينة وليس في داخلها. فأسواق قابس وسبيبه في ربضها(227) وأسواق طرابلس كانت في الربض وقد نقل السلطان بعضها إلى داخل السور(228). على العكس من أسواق باغاي التى كانت قديما في المدينة ونقلت إلى الربض (229). ونجد الخانات ، وهي مخازن السلع المتصلة بها، متوفرة في مدن المغرب ، وهى عادة في أرباض المدينة مع الأسواق (230).
أما أسعار المنتجات والسلع في أسواق المغرب ومحطاته التجارية فكانت على العموم رخيصة في القرن 4ه/10م ، بخاصة في المدن

(1/6630)




والمناطق التي تنتج كميات كبيرة تفيض عن حاجتها(231). كان التعامل التجاري في تجارة المغرب الداخلية و"لخارجية نقدا في القرن 4ه/10م ، ذلك لأن ابن حوقل يقدر قيم السلع التجارية بالدينار دائما(232)، بخاصة وأن الدينار كان هو العملة السائدة في المغرب آنذاك كما كان نظام الصكوك (الحوالات ) معمولا به في المغرب ويعرفه تجارها. وقد استخدم هذا النظام في التجارة

(223) ن. م ، ص 84-81-74.
(224) ن. م ، ص 84.
(225)ن. م ص 73.
(226) ن. م ، ص 71.
(227)ن .م ،صص 72-84

(1/6631)




(228) ن . م ، ص . 71 ولم يذكر ابن حوقل سبب هذا النقل .
(229) ن . م ، ص 84
(230) ن . م ، صص 73-84
(231)ن .م ،صص 69-80-92-95.
(232)ن .م ،صص 65-73-96-98.

الصحراوية بين المغرب وبلاد السودان . وفي هذأ يذكر (بق حوقل أنه رأى "صكا كتب بدين على محمد بن أبي سعدون بأودغحت ، وشهد عليه العدول باثنين وأربعين ألف دينار)،(233). أما نظام المقايضة فلم نجد له ذكرا، وربما كان استخدامه على نطاق ضيق جدا بحيث / يلفت انتباه ابن حوقل . وهناك إشارات قليلة عن بعض الأوزان والمكاييل المستخدمة في أسواق المغرب ، منها القفيز

(1/6632)




- كوحدة وزن "(234).
تطرق أبن حوقل إلى الضرائب وأنواعها في مغرب القرن 4ه/10م ، والذي يهمنا في هذا المجال الضرائب المفروضة على الأنشطة التجارية، والتي شكلت جزءا كبيرا من واردات المغرب ودخله . وفي هذا نجد إشارة تعود إلى عام 336/937 إذ جاء فيها
"دخل المغرب من جميع وجوه أمواله وسائر كوره ونواحيه وأصقاعه عن خراج وعشر وصدقات ومراع جوال ومراصد، وما يؤخذ عما يرد من بلد الروم والأندلس فيعشر على سو"حل البحر، وما يلزم الخارج من القيروان إلى مصر ويلزم ما يرد منها من الورق والمقوم بقيمة العين ت والعين

(1/6633)




المجتبى من هذه الوجوه ، فيكون من سبعمائة ألف دينار إلى ثمانمائة ألف دينار)،(235).
ويظهر مقدار هذا الرقم قيمة الضرائب البرية والبحرية على التجارة المغربية ويبدو أنها كانت معتدلة لأن أبن حوقل يكمل هذا النص بقوله : ولو بسطت يده (أي صاحب بيت المال ) لبلغ ضعفه (أي الدخل )(236).
فرضت الضرائب في مغرب القرن 4ه/10م على القوافل المارة ما بين مدينة مغربية وأخرى. فالقوافل القادمة إلى طرابلس عليها أن تدفع الضرائب في قرية بلبدة الواقعة على بعد مرحلتين شرق طرابلس (237). وكان على القوافل التي تسبر بين طرابلس

(1/6634)




والقيروان .أن تدفع الضرائب التجارية "كل جمل ومحمل وحمل ". وهي "منزل
(223)ن .م ،صص 65.
(234) يعادل 45 كلغ : ومن الجدير بالذكر أن معلومات المقدس عن الأوزان والمكاييل تعد أكثر من معلومات ابن حوقل .
(235) اس حوقاط ، ن . م ، ص 94
(236)ن .م ،ص 94
(237)ن .م ص 71

من طرابلس على يوم ، في ذهابها وإيابها"(238). وحصلت الضرائب في سرت من القوافل المجتازة بها، وكان صاحب صلاتهم هو الذي يجبي هذه الضرائب والضرائب الأخرى، ولديه سجلات تسجل فيها البضائع وقيمة الضرائب المفروضة عليهم، وكانت تراجع دائما خوفا من

(1/6635)




التحايل والتلاعب (239). وهذا ما يشير إلى إحكام السلطان المغربي لجباية الضرائب التجارية .
وفي أقس المغرب كان والي مدينة سجلماسة، المركز التجاري المهم في تلك المنطقة، يأخذ الضرائب من التجارات الداخلية والخارجية، سواء المتنقلة بين مدن المنطقة مثل فاس وأغمات والسوس ، أم القادمة من نواحي أفريقية والأندلس . كما فرضت الضرائب على القوافل التجارية التي تعمل في التجارة إلى بلاد السودان (240). والظاهر أن القوافل المختصة بالتجارة السودانية كانت تفرض عليها لوازم ، ليس في مدينة سجلماسة فقط ، بل وفي مدينة

(1/6636)




اجدابية - مركز استقبال وتوزيع التجارات السودانية أيضا(241)، وهذا يعني أن الضرائب فرضت على التجارات الخارجية في المحطات التجارية المرتبطة بالتجارة الصحراوية مع السودان . والجدير بالإشارة أن هناك أماكن خاصة في مدن المغرب تسمى "المراصد"، ومهمتها جباية الضرائب من التجارات الصادرة والواردة، ومن بينها ومرصد طبنة(242).
وفي مغرب القرن ،د/5ام نجد أن هناك ضرائب غير حكومية في بعض مناطقه فرضت على الأنشطة التجارية، من قبل القبائل المقيمة على الطرق . فقبائل البرانس المقيمة في مناطق السوس وأغمات وفاس كانت لها

(1/6637)




لوازم على المجتازين ببضائعهم وسلعهم بين هذه المدن لقاء الخفارة التي يقدمونها للقوافل.

(238) ن. م ، ص71
(239) ن. م ، ص 70-71
(240)ن. م ص 97
(241) ن. م ، ص70
(242)ن .م ،ص 85
(243)ن-م صص 76

أما التجارة البحرية فلم تكن معفاة من الضرائب ، فقد أخذت الععنعور من المراكب الأندلسية القادمة بالمتاجر إلى ميناء طبرقة(244). وكان حا ام تنس يعشر التجارات وله (مراصد) على المتاجر الداخلة لهذه المدينة والخارجة صادرة وواردة(245). وفي مرس الخزر مركز إنتاج "معدن المرجان " فرض ناظر صلاتهم فيه الضرائب على تجارة هذا

(1/6638)




المعدن ، وكان له أمناء يشرفون على عملية استخراجه وتجازله (،"ء). وهكذا كانت الضرائب على التجارات المغربية الصادرة والوازة تحت إشراف وتنظيم الجهاز الحام في مغرب القرن 4هـ/10م بصورة عامة، إلا القليل منها كان يجبى لصالح بعض سكان المناطق .
الخاتمة

ومما سبق ذكره يتضح لنا كيف استطاع ابن حوقل ، الرحالة والتاجر البغدادي ، أن يعطي لنا صورة دقيقة وتفصيلية في كتابه صورة الأرض ص ظ النشاط التجاري الذي كان عليه المغرب في القرن 4هـ/10م، وهو بحالة مزدهرة بفعل جملة عوامل اقتصادية وجغرافية وسياسية . وقد اعتمد

(1/6639)




هذا النشاط على شبكة من الطرق التجارية شملت مدن المغرب جميعها ساحلية وداخلية، وارتبطت بمراكز الإنتاج والاستهلاك ، وكانتء على درجة كبيرة من التنظيم . وعلى هذه الطرق كانت المراكز التجارية المهمة محطات لتجمع الطرق التجارية وتشعبها.

والجدير بالملاحظة أن الازدهار التجاري الذي شهده مغرب القرن 4هـ/ 10 م ، قد خلقه تجار مغاربة وغير مغاربة، وكان الأخيرون من أهل الشرق وحوض البحر المتوسط . وقد ارتبط بهذا الازدهار التجاري تنيمات خاصة بالأسواق ، والتعامل التجاري ، كما نظمت الضرائب على التجارات الصادرة

(1/6640)




والواردة .

(244)ن .م ،ص 76.
(245)ن .م ،ص 78.
(246)ن .م ،ص 76.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shabab-tari5h.all-up.com
 
النشاط التجاري في بلاد المغرب خلال القرن ، 4 هـ دراسة من خلال كتاب -صورة الأرض-، لابن حوقل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق :: التاريخ الاسلامى :: تاريخ الاندلس-
انتقل الى: