الفصل الثالث
تناول الدكتور التغيرات الجوهريه التى طرات على الامبراطوريه البيزنطيه 1 ـ مفترق الطرق فى القرن الحادى عشر حيث ان الامبراطوريه إبان القرن الحادى عشر كان عليها ان تواجه عدوا جديدا يتمثل فى الاتراك السلاجقه الذين انطلقوا داخل اسيا الصغرى فى الوقت الذى اخذت فيه الشعوب الصقليه فى منطقه البلقان تزداد عنفا وتتعالى عندها النزعه الاستقلاليه والنورمان فى جنوب ايطاليا يقومون بحملات معاديه ضد الامبراطوريه فى الضعف حيث اصبحت الضرائب يعفى منها اشخاص وتفرض على اشخاص اخرى وتغير توزيع الاراضى .
وفقد البيزنطيون معظم اراضى اسيا الصغرى بسبب استيلاء الاتراك السلاجقه عليها . ودخلت ارمينيا تحت السياده السلجوقيه وذلك فى عام 1065 على يد الب ارسلان ذلك ان الاتراك السلاجقه الذين قدموا من اواسط اسيا ، نجحوا فى السياده على فارس وبسطوا سلطانهم العسكرى على الخلافه، وشرعوا فى مهاجره الولايات الشرقيه من الامبراطوريه
البيزنطيه وحققوا تقدما كبير يفوق ما لقوه جنوبا فى حربهم مع الفاطميين فى مصر . واوقعوا بالامبراطور البيزنطى الذى حاول طردهم من اسيا الصغرى هزيمه مروعه فى موقعه مانزيكرت (1071 ) وان كانوا قد ابدوا رغبتهم فى التوصل معه الى معاهده .
وشهد نفس العام سقوط مدينه بارى اخر المعاقل البيزنطيه فى الغرب فى جنوبى ايطاليا فى ايدى النورمان . ولكن الدكتور لم يذكر الكثير عن اسره دوكاس ليوضح جهودها او دورها فى الامبراطوريه.
وتكلم الدكتور عن نقطه مهمه فى هذا الفصل بعد ضياع معظم اراضى الدوله البيزنطيه وهى احياء الامبراطوريه زمن آل كومنين.
1 ـ الكسيوس كومنتوس (1081 ـ 1118 )
وباعتلاء الكسيوس كومنتوس العرش فى سنه 1081 قفزت الارستقراطيه العسكريه الظافره الى المقدمه . فمن بين القاده العسكريين المبرزين كان الكسيوس اقدرهم ضابطا سياسيا ودبلوماسيا ادت جهوده وحده ونجاحه فى اقامه اسره على العرش الى تاخير انحلال الامبراطوريه الى ما يزيد على مائه سنه اتيه . اما المشاكل الملحه التى عنت الكسيوس فقد تضمنها ذلك التقرير الذى كتب عن عهده . الذى حكت عن الظروف التى حدثت بالامبراطوريه زمن الكسيوس وساعد الكسيوس على استرداد بعض الاراضى فى اسيا الصغرى بفعل التى حجزها الغرب فى الحمله الصليبيه الاولى حيث لقت الحركه الصليبيه فى الغرب التشجيع من جانب اعلى سلطه كنسيه هناك . فقد بشر بها ودعا اليها البابا اوربان الثانى فى مجمع كليرمونت 1095 وذلك للحج الى بيت المقدس بالاضافه الى اكتساب اراضى جديده . ونتيجه للسياسه الحكيمه والدبلوماسيه التى اتبعها الكسيوس ، امكن عبور الصليبين الى اسيا الصغرى مع تجنب الصدام بين الطرفين .
وتوفى الكسيوس بحيث لم يترك لولده يوحنا وحفيده مانويل حريه الاختيار بل كان عليها ان يسلكا نفس السبل التى وضعها مؤسس الاسره وتحدث عن الحمله الصليبيه الثانيه والثالثه وما لحقا بها هاتين الحملتين ونجحت الحمله الصليبيه الثانيه وفشلت الحمله الصليبيه الثالثه . ونجد ان الدكتور تحدث باسلوب جيد عن هذه الحملات وطريقه تسلسلها والاخطار وتناول اشياء كثيره ومهمه .
العذر اللاتينى والدبلوماسيه البيزنطيه ( 1204 ـ 1261 )
كانت مصر اول اهداف الحمله الصليبيه الرابعه ولكن وجهتها وليت الى زارا المدينه المسيحيه وكانت البندقيه تعتبر نفسها اولى بالسياده عليها من المجر واتجهت الحمله الى القسطنطينيه وكانت البندقيه تامل فى تامين تجارتها فى الشرق مما ادى الى الاستيلاء الذى تأصل فى نفوس الغربيين من ان البيزنطيين هم سبب اخفاق الحملات الصليبيه وبدا التفكير فى الاستيلاء على القسطنطينيه ، وحولت الحمله الصليبيه الغربيين عن سوريا وفلسطين ووسعت الصراع بين شطرى العالم المسيحىفى الشرق والغرب مما ادى الى ازدياد الخلاف بين القوى المسيحيه التى ازدادت ضعفا فى مواجهه العدو وهم الاتراك العثمانيين.
ونجحت الحمله الصليبيه فى الاستيلاء على القسطنطينيه مستغلين عدم قدره اسره انجلوس فى الوفاء بالتزاماتهم الماليه والعسكريه واقدموا على تقسيم العاصمه مما ادى الى وجود امبراطوريه لاتينيه وعدد من الامارات اللاتينيه . وراح اللاتينين يسيطرون على العديد من الاماكن وقاموا بتقسيمها بينهم وظهر التعارض بين اهدافهم ولكن سرعان ما زال هذه السيطره من اجيرانهم من الصرب والبيزنطيين والاتراك من السيطره على هذه الاراضى . ادت المنافسات الى نوع من الاتصال والتبادل الحضارى المثمر . وبرغم قصر عمر الامارات اللاتينيه الا ان اللاتينين امتلكوا اهم مواقع اقتصاديه وبدأ ازدهار النشاط الاقتصادى على ايديهم حيث ان انعاش التجاره كان من اولى اهتماماتهم وانقسمت الامبراطوريه البيزنطيه الى مملكتين بسقوط العاصمه البيزنطيه عام 1024 مملكه ابيروس التى اعتلى عرشها ثيودورا انجلوس ونيقا وثيودور لاسكاريس وتوضح هذه الانقسامات الاتجاهات الانفصاليه التى كانت سائده بين العائلات البيزنطيه القوميه وبموت المنافس الثالث وهو يوحنا ثم خرجت بلغاريا من هذا السباق واشتد تماسك نيقيه لكونها اقوى تماسكا من ابيروس وخطت نيقيه بالتاييد من جانب الاتراك فى قونيه وحكام اليونان وخلف لاسكار ميخائيل باليولوجوسه الذى حقق انتصارا حاسما قضى فيه على عصبه ابيروس واسترد القسطنطينيه ثانيه .
وحكمت اسره ميخائيل الثامن الامبراطوريه البيزنطيه قرابه قرنين حتى انها الغزو العثمانى.
التنافس المسيحى والحروب الاهليه البيزنطيه ( 1261 ـ 1354 ).
بالرغم من امتداد الامبراطوريه الباليوليجيه ومحاولتها لتوسيع رقعه اراضيها لم يكن بمقدورها اتباع اى نظام حكومى فعال فى القسطنطينيه وبقيت القسطنطينيه مكانتها المرموقه وايضا عامل مؤثر فى السياسه الدوليه مدعما بذلك موقعها الجغرافى وبرغم غنى ثرواتها فلم تعد هذه الثورات فى ايدى البيت الامبراطورى ولكن فى حوزه العائلات القويه مما ادى الى التاثير على الجيش والاسطول البيزنطى ام الخزانه الامبراطوريه اصبحت تحصل جزء تافه من الايرادات واصبحت المشكله الاساسيه هو النقص فى الموارد الماديه فلم تعد دبلوماسيه وحدها كافيه بل لابد من مسانده عسكريه وبحريه ملائمه وبدات الحروب الاهليه فى الاندلاع لفتره كبيره فى القرن الرابع عشر ومن الخارج من شارل كونت انجو والصرب والاتراك وبمهاره ميخائيل الثامن استطاع ان يحجب كل المؤامرات ضد الامبراطوريه من شارل كونت حيث وجه باسلوبه الماهر اعدائه الى اماكن اخرى . واعاد الوحده الى الكنيسه بعقده اتفاق عام 1274 لاكتساب البابويه ولقى تقربه الى روما المعارضه من الارثوذوكيين خاصه بلغاريا .
وراحت الجموع تلتف معارضه ذلك واصبح التوحيد بين روما والقسطنطينيه فكره باليه زادت المزايده عليها فى تلك الفتره وزاد سلطان الكنيسه وعظمت مكانتها ولم يكن مقدر للامبراطوريه بتلك المكانه ان تستمر ذلك للعوز الى الموارد الماليه اللازمه لمواجهه العدو الصربى والعثمانى ولكن ازداد النشاط الثقافى وعرفت تلك الفتره بالمجادلات الدينيه واندلعت الحرب الاهليه بين الوزير الاول يوحنا كانتا وصيه على عرشه وتم عقد اتفاق سلمى انتهى بتتويج يوحنا السادس ولكن تمكن الامبراطور الصغير من اجباره على الاعتزال وبرغم سلوكه لدرب الرهبانيه الا انه ظل يتدخل فى شئون الكنيسه والدوله حتى موته.
وبدات العيون تنظر الى بيزنطه فى تلك الفتره التى شهدت تقسم داخلى فبدا الترقب من الصرب والاتراك واستغلت صربيا تلك الظروف خاصه فى عهد دوشان الذى حلم بخلع الامبراطور البيالولوجى واعاده الامبراطوريه الرومانيه ولكنه مات قبل تحقيق حلمه وزاد ازدهار وقوة الدوله البلقانيه الى الحد التى كرم مقدارها. ان تتجنب الانضواء من جديد تحت لواء الامبراطوريه البيزنطيه العائده ولكن احدا منها فى الوقت ذاته لم يكن يملك القوه الكافيه لفرض اى نوع من الوحده على العناصر المسيحيه المتنافره فى البلقان والبحر الايجى
الغزو التركى وسقوط بيزنطه (1354ـ 1453 ):قامت عدد من الامارات الصغيره نتيجه انشغال الامبراطوريه بمصالحها فى اوروبا معظمها قامت على صفة الجهاد وعمرت بواسطه المرابطين فى العالم الاسلامى من اجل الايمان وهاجموا الاقاليم البيزنطيه بتعزيز من البحاره البيزنطيون العاطلون وقامت اماره عثمان التى احتلت مركزا استراتيجيا واصبحت الاماره العثمانيه قاعده تبنى عليها الامبراطوريه وباشتراك الاتراك العثمانيين فى الحروب الاهليه البيزنطيه استطاعوا بذلك ان ياسسوا قاعده لهم فى اوروبا ويباشروا غزوهم لمنطقه البلقان وبدات موارد التاج البيزنطى المعاناه بينما كانت المورة اكثر اجزائها ازدهارا فسعى يوحنا للحصول على مساعده من الغرب . وبسبب الخلاف الكنسى تعرضت الامبراطوريه للضغط الشديد واخذ العثمانيون بتوسيع اراضيهم الاوربيه على حساب بيزنطه والصرب وفى حيث وجود يوحنا الخامس فى اوروبا كان العثمانيون يزحفون داخل مقدونيا وخضع الصرب العثمانيون واعترفت بلغاريا بسياده الاتراك واصبحت بيزنطا مرتبطه بالاتراك.
وكون القسطنطينيه قلعه حصينه وان المد التركى انحصر دون توقع فى اسيا الصغرى فكانت الامبراطوريه قادره على المقاومه حتى القرن الخامس عشر وبدات بيزنطه فى فقدان مكانتها وحدودها وبدا العثمانيون فى الاستيلاء على بيزنطه . وكان للتوغل العثمانى فى بلاد اليونان اثاره على المصالح الايطاليه شان البيزنطيه وبالرغم من سنوح فرصه هزيمه العثمانيون فى حربهم مع تيمور المغولى راحت الامارات البيزنطيه تسعى لتحقيق مصالحها الخاصه واظهر مراد الثانى عزمه على امتلاك القسطنطينيه وتم اعلان وحدة الكنيستين اليونانيه واللاتينيه مما ادى الى استياء البيزنطيين وفى عام 1448 اعتلى العرش اخر امبراطور بيزنطى وظل البيزنطيون ومحمد الثانى يدق ابواب القسطنطينيه يكرهون اى تسويه مع روما فكانوا يفضلون عمائم المسلمين على ان يشهدوا قلنسوات اللاتين ولم يستطع البيزنطيون الصمود امام اسلحه العثمانيين التى كان من الصعب التغلب عليها واصبحت كل الامبراطوريه البيزنطيه فى ايدى المسلمين فقد كان هذا عملا مثمرا بالنسبه للمسلمين كانوا يطوقون اليه اما بالنسبه للمسيحى فقد تهدم الكثير ولكن المدينه التى اعيد بناؤها مركزا هاما للمسلمين والمسيحيين على السواء واصبحت الكنيسه الارثوذوكسيه الواصى الوحيد على الحياه الثقافيه والعقيديه للرعايا الصقاليه واليونان واصبحت الكنيسه بعد ان ولى العصر البيزنطى تعمل دون عوده الامبراطوريه وتعتمد على نفسها .
ارتبطت الامبراطوريه البيزنطيه بالامبراطوريه الرومانيه ارتباطا وثيقا فى عراقتها وتقاليدها وتاثرت بيزنطه بجيرانها الشرقيين عن طريق الاتصال المباشر وبالعتراف بالمسيحيه أقدمت الامبراطوريه الرومانيه على التسامح معها واعتبرتها عقيده وانه كان لابد من دمج المفاهيم الهيللنستيه الخاصه بالحكومه الامبراطوريه مع العقيده والافكار المسيحيه وكان الامبراطور هو الانسان المقدس الذى اختير من الله ليكون مثلا له على الارض فبوحدانيه الاله لابد ان يكون هناك امبراطورا واحدا له السياده حيث شبهت مسئوليه الامبراطور بتلك التى تتعلق بالقديس بطرس وكان يتم انتخاب الامبراطور من الناحيه النظريه اما من الناحيه العلميه فكان اما ان يتم اختياره من الامبراطور الجالس على العرش او يتولى الحكم بعد عزل الامبراطور الحاكم وبنجاحه فى علامه التاييد الالهى وببدايه القرن السابع بدات الوراثه فى الحكم وبعد تتويج شارل العظيم لقب الامبراطور البيزنطى بالملك الرومانى وجرت العاده على تتويج الامبراطور فى الكنيسه البيزنطيه ومع مرور الزمن اصبح بطريرك الكنيسه مسئولا عن صدق ارثوذوكسيه الامبراطور وكان للامبراطور مكانته العظيمه التى توضح فى كل مناسبه ويتضح من ذلك ان الكنيسه كانت جزء من نظام الدوله وكان للامبراطور سلطته فى اختيار البطارقه والاساقفه .