كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق


 
الرئيسيةبوابه 1أحدث الصورالتسجيلدخول   الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم I_icon12

 

  الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المعتمد بن عباد
Admin
المعتمد بن عباد


ذكر الموقع : اندلسى

   الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم Empty
مُساهمةموضوع: الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم      الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم Emptyالأربعاء نوفمبر 24, 2010 5:56 pm


الحرب» هى الحرب، عملية قتل جماعى. وأيا كانت الأسباب والمبررات فإن الحرب ترتبط بكل مظاهر العنف والقسوة والوحشية. والحروب الصليبية ليست استثناء في ذلك بطبيعة الحال.
إن عبارة «الحروب الصلبيبية» تثير في الأذهان صورا مثقلة بالدماء والعنف الوحشي الذي اتسمت به هذه الحروب، التى خلْفت كثيرًا من الذكريات عن دمويتها المفرطة حتى بمقاييس العصور الوسطى التى جمعت بين الهمجية والتدين الشكلى. وعلى الرغم من أن الحروب الصليبية كانت إنتاجا أوربيا كاثوليكيا، فمن الواضح أنها كانت من عوامل بناء الحضارة الأوربية فى تلك العصور، إذ إن نوعًا من الرومانسية التاريخية حل محل الواقع التاريخى فى العقلية الأوربية فى القرنين التاسع عشر والعشرين، فصارت «الحروب الصليبية» - فى صيغتها الرومانسية المختلفة لا فى حقيقتها التاريخية- ينبوعًا للإلهام فى الأدب والموسيقى والفنون التشكيلية الأوربية؛ بل إن الخطاب السياسى فى ميادين الحرب والدبلوماسية، في ما بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، كان استنساخًا وإعادة إنتاج للخطاب السياسى للحركة الصليبية التاريخية. بل إن «المشروعات الصليبية» ظلت تظهر بشكل مستمر فى دوائر النخبة فى أوربا حتى كان مشروع «الحملة الصليبية» موضوع محاولات عديدة لشن «حملة صليبية» جديدة، وكان سير وليام هيلارى فى إنجلترا الذى بادر إلى الدعوة لشن حملة صليبية بعد أن عادت «عكا» إلى السلطان العثمانى بمقتضى معاهدة لندن سنة 1840م مثالاً على ذلك، ولكن هذه الجهود باءت بالفشل نتيجة لهيمنة الأشكال الحديثة للمشروع الكولونيالى البريطانى.
أوهام وأساطير
هكذا، ظلت الحروب الصليبية محور التفسيرات الأيديولوجية للسياسيين، والتفسيرات المزاجية للكتاب والفنانين التشكيليين والموسيقيين فى الغرب عمومًا، على الرغم من أن الدراسات العلمية للحركة الصليبية كانت قد بدأت فى أوربا بشكل جدي منذ القرن التاسع عشر، وعلى الرغم من أن المؤرخين والباحثين الغربيين عموما هم الذين نشروا المصادر الأصلية لتاريخ الحروب الصليبية، فإن نتائج أبحاثهم كشفت كثيرًا من أوهام الأسطورة وضبابية الرومانسية للحركة الصليبية في الثقافة الغربية الحديثة.
لقد كانت الحروب الصليبية ظاهرة فذة في تاريخ أوربا والمنطقة العربية، أو فى تاريخ حوض البحر المتوسط بشكل عام. ولعل هذا هو السبب فى أن الكتابة عن جميع جوانب الحركة الصليبية قد بدأت قبل أن تدور عجلة الحرب الصليبية الأولى (1095-1099م) ولم تتوقف حتى الآن. ومنذ تلك اللحظة حتى الآن أخذ المؤرخون والباحثون يقلبون صفحات تاريخ الحركة الصليبية سعيا وراء فهم الظاهرة في تجلياتها السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وعلى الرغم من النتائج الباهرة لجهود المؤرخين والباحثين، فإن هناك جوانب خافية فى تاريخ الحروب الصليبية لاتزال بحاجة إلى من يسلط عليها الضوء.
لقد كان الناس فى أوربا القرنين الثانى عشر والثالث عشر يرون فى الحركة الصليبية أمرًا مقدسًا، فقد أدخلت الدعاية البابوية الزاعقة في روع الوعى العام أن الحملة الصليبية هي «حرب مقدسة أمر بها الرب». وكان في ظن الصليبيين وذويهم آنذاك أنهم يشاركون فى حرب الرب، وأنهم يضحون فى سبيل «مشروع الرب». حقيقة أن هذه الذريعة الدينية كانت غطاءً جيدًا لأطماع الأرستقراطية الاقطاعية الأوربية فى التوسع والاستعمار، كما أن هذه الذريعة الدينية كانت مناسبة تمامًا لأوهام الفقراء وأحلامهم فى التخلص من ظلم السادة الإقطاعيين وقسوة الطبيعة، ولكن التدين الشكلى النزق كان بمنزلة أريج تلك الأيام بحيث عاش عامة الأوربيين فى غفوة أيديولوجية أفاقوا منها على الحقائق المريرة للاستخدام السياسي للفكرة الصليبية ضد أعداء البابوية في أوربا نفسها.
ومن هنا يجب أن نحاول رؤية المجتمعات الأوربية فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر من داخلها أى بعيون الأوربيين أنفسهم، لالمحاولة تبرير عدوانهم على أرض قوم آخرين تبعد عنهم بمئات الأميال، بل لمحاولة فهم الصورة على «الجانب الآخر». وهذا هو شأن قراءة التاريخ بعيون مختلفة دائمًا. فالتاريخ «يحدث» ولايكتب، إنما يقرأ أو يفسر، من وجهات نظر مختلفة. فالحروب الصليبية بالنسبة إلينا عدوان (وهكذا رآها الباحثون والمؤرخون الغربيون بفضل الدراسات التاريخية الحديثة) ولكنها كانت تضحيات وبطولات فى عيون المجتمعات التى خرج منها الصليبيون فى تلك الفترة من تاريخ العصور الوسطى.
دموع من نوع آخر
كانت مشاهد الوداع الغارقة فى دموع الزوجات والأبناء والأهل ترسم ملامح صورة محلية فى كل مكان خرجت منه جيوش الحملات الصليبية. وعلى الرغم من أن الشعر والأغانى التى حكت لنا عن الجوانب العاطفية فى الصورة الصليبية الأوربية نقلت لنا مشاهد واضحة عن انفعالات نساء الصليبيين الراحلين وأطفالهم وذويهم ، وعلى الرغم من أن هذه الأشعار والأغانى حاولت أن تنقل لنا بعض مشاعر الراحلين أنفسهم ؛ فإن الوثائق التاريخية الحقيقية تكشف لنا عن نوع آخر من الدموع والمخاوف التى انتابت الصليبيين قبل الرحيل من ناحية، والإجراءات التى اتخذوها لكى يزرعوا الطمأنينة فى حقول القلق التى امتدت داخل وجدانهم من ناحية أخرى. لقد كان خطر الموت، أو الاصابة، أو الخراب المالى هاجسًا يراود كل صليبي. هذه الهواجس ألقت بظلالها الكئيبة على الوثائق التى كتبها الصليبيون قبل رحيلهم ؛ فها هو ستيفن كونت بلوا وشارتر يمنح لدير «موتييه» غابة من أملاكه حتى يعيده الرب سالمًا بشفاعة «سان مارتن» حامى الدير ورهبانه، ولكى يرعى زوجته أديلا وأطفالهما، لقد كان هذا الأمير الصليبى الذى هرب من حصار أنطاكية ثم قتل فى أحداث الحملة الصليبية، يجد الراحة فى فكرة أن الصلوات شفاعة لهم يؤديها الرهبان. ومن ناحية أخرى كان قلق ستيفن بلوا بشأن أسرته التى كان سيتركها خلفه قبل الرحيل فى الحملة الصليبية قد انتاب كثيرًا من الصليبيين الراحلين مثله بشأن أسرهم وممتلكاتهم.
لقد حملت الوثائق الصليبية كثيرًا من الإشارات الدالة فى هذا الشأن. وقد اتفق أحد كبار الأمراء الصليبيين مع أخيه الأصغر «... بخصوص أرضه وممتلكاته كلها وزوجته، وابنتهما الوحيدة...» وقد وعد الأخ الأصغر بأن يتعامل بإخلاص مع المرأتين وألا يحاول أن ينتزع منهما ما تملكان، وأن يساعدهما ضد من يؤذيهما. والقراءة السلبية لهذه الوثيقة تكشف عن أن هذا الأخ الأصغر نفسه كان هو مصدر التهديد، ومن الواضح أن الأمير الصليبى الراحل أراد ضمان مواجهته بهذا الاتفاق الذى شهد عليه عشرة رجال بضمان السيد الإقطاعى للأمير الصليبى وأخيه.
وفى انجلترا تولى التاج حماية أملاك الصليبيين الغائبين. ومع هذا فإن الحماية الملكية لم تكن فعالة بما يكفى. ذلك أن قصص الزوجات الإنجليزيات اللاتى رحل أزواجهن فى الحملات الصليبية، واللاتى كن يبقين فى بلادهن على مدى عدة سنوات لإدارة المزارع والضياع ورعاية أسرهن، كانت مرعبة. فقد كان هناك دائمًا الجيران النهابون والأقارب الطماعون المشاغبون. وتكشف وثائق السجلات القضائية الإنجليزية عما كانت زوجات الصليبيين الغائبين تلاقينه من شتى صنوف الأذى . فقد تم اغتيال زوجة أحد الصليبيين بعد ستة أسابيع من رحيله للمشاركة فى حملة صليبية سنة 1190م، ورميت جثتها فى حفرة سباخ، على حين لقيت زوجة أخرى مصرعها خنقًا وزوجها يشارك فى الحملة الصليبية الخامسة. وعاد أمير صليبى آخر من حملته إلى فلسطين ليجد ابنته ووريثته الوحيدة، قد تزوجت من أحد الفلاحين فى أرضه.
حماية الزوجات
هذه الأمثلة، وغيرها كثير، كانت تدفع الصليبيين من الفرسان والأمراء إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية زوجاتهم وبناتهم وذويهم وممتلكاتهم، فقد عمد بعضهم إلى وضع زوجته تحت رعاية أحد الأديرة مقابل رسوم معينة يدفعها للدير بل إنه وعد الراهبات بأن يزيد المبلغ الذى يدفعه للدير إذا ما دخلت زوجته نفسها سلك الرهبنة. كذلك رتب صليبى آخر أن تكون ابنته تحت رعاية الراهبات، على أساس أن يكون عليهن مساعدتها - فى حال عدم رجوعه- على الزواج، أو على الدخول فى سلك الرهبنة «... حسب إرادتها هى وأخوتها وغيرهم من الأصدقاء».
وهناك حالة إنسانية مؤثرة تكشف عن قلق من نوع آخر، فقد منح أحد المشاركين فى الحملة الصليبية الثانية جزءًا من أملاكه إلى أحد الأديرة لكى يوفر لأخيه العاجز معاشا نقديًا وعينيًا مناسبًا يدفع له فى أوقات محددة من السنة، فإذا مات كان على الرهبان أن يدفنوه فى مقابرهم. ورحل هذا الصليبى فى صحبة «جنود الرب» والقلق يفترس وجدانه خوفًا على أخيه
هذه الأمثلة التى أبانت الوثائق عن بعضها تكشف عن إجراءات الصليبيين القادرين من الأمراء والفرسان من أبناء الطبقة الأرستقراطية، ولكنها تجعلنا نتساءل أيضا عن أحوال أولئك الذين خرجوا تحت راية الصليب من غير أبناء هذه الطبقة، والذين لم تكن أحوالهم الاجتماعية، وأوضاعهم السياسية - بطبيعة الحال- تتيح لهم القيام بمثل هذه الإجراءات لحماية أسرهم وممتلكاتهم، والعناية بذويهم. لقد كان الصليبيون من المشاة والقوات الخيالة الخفيفة (السرجندية) وأبناء الطبقة البرجوازية الناشئة آنذاك لايتمتعون بالقدرة الاقتصادية أو المكانة السياسية والاجتماعية التى تيسر لهم القيام بإجراءات مشابهة للاجراءات التى كان يقوم بها أبناء الطبقة الارستقراطية. بيد أن الحوادث والمفاجآت الحزينة كانت تنتظر عودة الصليبيين إلى ديارهم فى كثير من الأحيان بغض النظر عن الطبقة التى كانوا ينتمون إليها، لقد كان الصليبيون أبناء مجتمع متخلف، وكانت الفكرة التى حركتهم من الخروج من بلادهم أقوى من مخاوفهم على أهلهم، فقد كانت فكرة تجمع بين الأمل الدينى والطمع الدنيوى.
مسئولية إدارة الأملاك
وإلى جانب مشكلات حماية الأهل ورعايتهم وضمان أمنهم، كان لابد للصليبيين الراحلين إلى فلسطين من القيام ببعض الترتيبات لإدارة ممتلكاتهم أثناء الغياب الطويل المرتقب فى الشرق. لقد كان الصليبيون يتوقعون بشكل عام أن يطول غيابهم نحو ثلاث سنوات إذا عادوا من الحملة الصليبية. وفى مثل هذه الأحوال كان يعهد بمسئولية إدارة الممتلكات لأحد أعضاء العائلة، أو الجيران، أو أحد الأفصال الاقطاعيين (أى الأتباع) إذا كان صاحب الأرض من كبار الأمراء. وربما كان الابن الأكبر، أو أحد إخوته هو المسئول عن إدارة الأملاك. وفى بعض الأحيان كان الأخ يتولى إدارة الممتلكات ورعاية الأسرة. وكان من الأمور الشائعة فى أوربا الغربية كلها فى القرنين الثانى عشر والثالث عشر أن تتولى الزوجات، أو الأمهات، مسئولية إدارة الممتلكات ورعاية العائلة. ويبدو من بعض الوثائق أن بعض عائلات الصليبيين قد واجهت مشكلة عدم وجود أحد من أفراد العائلة يستطيع تحمل هذه المهمة على عاتقه. وكان الحل فى هذه الحالة أن يعهد بالمسئولية إلى أحد الجيران، ولدينا مثال على ذلك، فقد عهد أحد الصليبيين الراحلين إلى فلسطين سنة 1101م إلى أحد جيرانه بمسئولية الوصاية على أرضه وعلى ابنته، وقد تزوج هذا الجار من ابنة الصليبى الراحل في ما بعد. كما نجد بعض الصليبيين يفعل الشيء نفسه تقريبًا بحيث يترك قلعته فى يدي أحد أتباعه الإقطاعيين، وآخر يترك قلعته وابنته فى رعاية واحد من فرسانه. ولسنا نعرف ما إذا كان هذان الصليبيان قد استعادا ما تركاه فى رعاية الفرسان التابعين لهم أم لا.
هذه الصور المؤثرة فى أوربا، التى أخرجت الحملات الصليبية ليست كل الحقيقة بطبيعة الحال، ولكنها جزء حيوى من هذه الحقيقة، فالحرب هي الحرب بالنسبة إلى المعتدي ولمن وقع عليه العدوان على السواء. ولسنا هنا بصدد إدانة جانب أو الدفاع عن جانب آخر، بل نريد أن نكشف عن عبثية الحرب وعن ثمنها الفادح الذي دفعته البشرية بشكل عام. وتكمن أهمية تاريخ الحروب الصليبية فى كونها أطول الحروب البشرية على الإطلاق من ناحية، وفى أن أثارها لاتزال تتحكم فى حاضر طرفيها بشكل ما حتى الآن من ناحية أخرى.
ولأن التاريخ لاينتمي إلى الماضى إلا من حيث موضوعه، ولأنه يرتبط بالحاضر والمستقبل، فإن قراءته يجب أن تحاول الكشف عن الحقائق قدر الإمكان. ومن ثم ، فإن الصور الباكية والحزينة على الجانب الآخر الذى خرجت منه قوات المعتدين تكشف عن أن الإنسان هو الخاسر حين تنشب الحرب فى كل الأحوال. حقيقة أن الخاسر على الجانب الذى عانى العدوان كانت فادحة، كما كانت الصورة قاتمة مفزعة، ولكن المشروع الصليبى كلف أوربا كثيرًا.
فهل يقرأ قارعو طبول الحرب فى كل مكان وزمان تاريخ الإنسانية؟!



getTitleAuthor()

قاسم عبده قاسم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shabab-tari5h.all-up.com
 
الوجه الآخر للحروب الصليبية.. دموع المعتدين ومخاوفهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التتار والعالم العربى: الوجه الآخر
» المسلمون يتعرَّفُون على الآخر
» مصطلح الحروب الصليبية
» الحملات الصليبية من وجهة نظر ألمانية
» الدولة البيزنطية و الحملة الصليبية الاولى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كلية الاداب قسم التاريخ جامعة الزقازيق :: د / قاسم عبدة قاسم-
انتقل الى: